عدم جريان البراءة فيه.
اما صاحب الكفاية (١) فقد ظهر وجه ما اختاره مما تقدم ، كما ظهر جوابه.
واما المحقق النائيني (٢) فقد استدل على ذلك بعد اختياره جريان البراءة في القسمين المتقدمين بان الجنس حيث لا تحصل له في الخارج إلّا في ضمن الفصل فلا يعقل تعلق الحكم به إلّا مع أخذه متفصلا بفصل معين ، أو بفصل ما من فصوله ، وعليه فيكون المقام من دوران أمر الواجب بين التعيين والتخيير ، ولا معنى للقول بان تعلق الحكم بالجنس متيقن وتقيده بخصوص فصل مجهول ، فيجري فيه البراءة. ثم انه قدسسره قسم دوران الواجب بين التعيين والتخيير إلى أقسام ثلاثة ، واختار في جميعها التعيين وعدم جواز الرجوع إلى البراءة عن كلفة التعيين (٣). ونحن نقتفي أثره ، ونتكلم في كل من الأقسام ، ونبين المختار عندنا.
القسم الأول : ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في أصل الشريعة ومرحلة الجعل في الأحكام الواقعية ، كما إذا شككنا في ان صلاة الجمعة في عصر الغيبة هل هي واجب تعييني أو تخييري؟
القسم الثاني : ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الجعل والتشريع في الأحكام الظاهرية وجعل الحجية ، كما إذا شككنا في ان تقليد الأعلم واجب تعييني ، أو أن المكلف مخير بينه وبين تقليد غير الأعلم؟
القسم الثالث : ما إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مرحلة فعلية التكليف والامتثال للتزاحم ، كما إذا علمنا بوجوب إنقاذ كل غريق مع التمكن منه تعيينا ، فحصل غريقان لا نتمكن إلّا من إنقاذ أحدهما ، واحتمل أن يكون أحدهما
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٣٨.
(٢) أجود التقريرات : ٢ ـ ٢٩٧.
(٣) أجود التقريرات : ٢ ـ ٢١٩.