اما الاستصحاب ، فتقريبه من وجوه.
الأول : ان يستصحب الوجوب الجامع بين الضمني والاستقلالي المتعلق بغير المتعذر من الاجزاء والشرائط ، فان وجوبها الضمني قبل طروء التعذر في ضمن وجوب المركب كان ثابتا ، ونشك في ارتفاع أصل الوجوب بارتفاعه ، فيتمسك بالاستصحاب في الحكم ببقائه.
ويرد عليه : انه مبني على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من استصحاب الكلي ، ولا نقول به ، فان الفرد المعلوم تحققه وهو الوجوب الضمني قد ارتفع يقينا ، والوجوب الاستقلالي مشكوك الحدوث ، فليس وجود واحد متيقن الحدوث مشكوك البقاء ليحكم ببقائه بالاستصحاب.
الثاني : ان يستصحب الوجوب الاستقلالي بنحو مفاد كان التامة ، بأن يقال : كان وجوب الصلاة مثلا قبل تعذر بعض أجزائها ثابتا في الخارج ، فيشك في ارتفاعه بعد طروء التعذر ، فيستصحب بقاؤه.
ويرد عليه : أولا : ان الوجوب لا يتحقق في الخارج إلّا متعلقا بشيء ، ومتقوما به ، وعليه فالوجوب المتيقن كان متقوما بالمركب من المتعذر وغيره ، والوجوب المشكوك بعد التعذر لو كان فهو وجوب آخر متقوم بغير ما تقوم به الوجوب الأول ، فجريان الاستصحاب فيه لإثبات جامع الوجوب مبني على جريان الاستصحاب في القسم الثالث ، ولا نقول به.
وثانيا : ان استصحاب الوجوب بنحو مفاد كان التامة ، وهو ما إذا لوحظ نفس وجوب الوجوب مع قطع النّظر عن متعلقه لا يترتب عليه وجوب غير المتعذر من الاجزاء والشرائط إلّا على القول بالأصل المثبت ، وستعرف بطلانه ، فالمقام نظير ما إذا علمنا بوجوب إكرام زيد ، ثم علمنا بارتفاعه ، واحتملنا وجوب إكرام عمرو ، فهل يمكن إثباته باستصحاب بقاء وجوب الإكرام على نحو مفاد كان التامة؟