الإجمالي ، فعدم جوازه حينئذ لا بد من أن يستند إلى أمر آخر غير العلم الإجمالي كما ذكره صاحب الكفاية.
ويمكن أن يقال : بانحلال العلم الإجمالي بالظفر بالمقدار المتيقن في القسم الأول أيضا ، وذلك لأن الميزان في الانحلال كما عرفت سابقا عدم تعارض الأصول في الأطراف بقاء ، ومن الظاهر أنه بعد العلم بنجاسة إناء معين في المثال المتقدم مع احتمال انطباق إناء زيد عليه لا علم بوجود نجاسة في غيره من الإناءات ، فلا مانع من جريان الأصل فيها ، لأنه بلا معارض. والسر في ذلك أن العلم بوجود نجس مردد بين الواحد والأكثر ، والعلم بنجاسة إناء زيد بخصوصه يرجعان إلى العلم بوجود نجس واحد بعنوانين ، فإذا علمنا نجاسة واحد معين من الإناءات لم يمكن الرجوع إلى الأصل فيه ، فيجري في غيره من المحتملات بلا معارض.
واما ما ذكر من عدم جواز الرجوع إلى البراءة بعد الظفر بالمقدار المتيقن من الدين المضبوط في الدفتر فان صح فلا بد من أن يستند إلى أمر آخر غير العلم الإجمالي ، كما ادعى ذلك في موارد الشك في بلوغ المال حد النصاب ، وفي حصول الاستطاعة في الحج ونحوهما ، إذ لو فرضنا عدم التمكن من الرجوع إلى الدفتر لضياعه أو غير ذلك لم يكن مانع من الرجوع إلى الأصل في الزائد على المتيقن ، مع أنه لو كان العلم الإجمالي هو الموجب للاحتياط لم يكن فرق بين التمكن من الفحص وعدمه كما هو ظاهر.
الثالث : حكم العقل بوجوب الفحص ، وعدم جواز الرجوع إلى البراءة قبله ، فانه كما يحكم بقبح العقاب بلا بيان من المولى ، كذلك يستقل بوجوب الفحص عن أحكام المولى ، فانه مقتضى العبودية والمولوية. والسر فيه أن العادة بعد ما جرت على أن إيصال التكاليف لا يكون على وجه القهر والإجبار ، لا يلزم على المولى إلّا بيان أحكامه على النحو المتعارف ، وجعله في معرض الوصول إلى عبيده ، واما فعلية