الوصول إليها فهي من وظائف العبد ، جريا على مقتضى عبوديته من تحصيل إرادات المولى والعمل على طبقها ، وهذا الحكم العقلي بمنزلة القرينة المتصلة المانعة عن انعقاد الظهور في الإطلاق في الأدلة النقليّة الدالة على البراءة ، وعليه فهي من الأول مختصة بما بعد الفحص في الشبهات الحكمية.
الرابع : الآيات الدالة على وجوب التعلم مقدمة للعمل ، منها : ما ورد في تفسير قوله تعالى (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ)(١) من أنه يقال : للعبد يوم القيامة هل علمت ، فان قال : نعم قيل : له فهلا عملت ، وان قال : لا قيل : فهلا تعلمت حتى تعمل (٢).
الخامس : الأخبار الدالة على وجوب التوقف إلى لقاء الإمام عليهالسلام وبما أن مورد جملة منها قبل الفحص ، فالنسبة بينها وبين أخبار البراءة نسبة العموم المطلق ، فتختص أخبار البراءة بما بعد الفحص. وقد تقدم الكلام في ذلك في بحث البراءة.
وبما ذكرناه ظهر الحال في اختصاص أدلة حجية الاستصحاب بما بعد الفحص أيضا. كما ظهر عدم جواز الرجوع إلى التخيير العقلي قبل الفحص. وملخص الكلام أن الأصول العقلية قاصرة في نفسها عن الشمول لما قبل الفحص ، لأن موضوعها لا يحرز إلّا به ، فلا مقتضى لها قبل ذلك أصلا. واما الأصول الشرعية فأدلتها وإن كانت مطلقة في نفسها إلّا أنها مقيدة بما بعد الفحص بالقرينة العقلية المتصلة والنقليّة المنفصلة.
بقي التنبيه على أمور :
الأمر الأول : هل يعتبر في الفحص اللازم في جواز الرجوع إلى الأصل ان
__________________
(١) الأنعام : ١٤٩.
(٢) أمالي الطوسي : المجلس الأول ، ح ١٠.