عدوانا في نظر العرف ، فيجب عليه إتلاف الآخر بخصوصه مع ضمانه لمالكه.
الثالث : ما إذا كان ذلك غير مستند إلى فعل شخص ، بل كان بآفة سماوية. وقد نسب إلى المشهور لزوم اختيار أقل الضررين في مثله ، وان ضمان ذلك على مالك الآخر. ولا نعرف له مستندا غير ما قيل من أن نسبة جميع الناس إلى الله تعالى نسبة واحدة ، فالكل بمنزلة عبد واحد ، فالضرر المتوجه إلى أحد شخصين كأحد الضررين المتوجه إلى شخص واحد. ولا يخفى ما في هذه الدعوى من الوهن والسقوط ، فان إلزام أحد الشخصين بتحمل الضرر بدفع قيمة مال الآخر أو مثله بلا ملزم ، بل هو ترجيح بلا مرجح.
فالصحيح أن يقال : إذا تراضى المالكان بإتلاف أحد المالين بخصوصه ولو بتحملهما للضرر على نحو الشركة ، فلا إشكال ، وإلّا فلا بد من رفع ذلك إلى الحاكم ، وله إتلاف أيهما شاء حسبه ، ثم يقسم الضرر بينهما بقاعدة العدل والإنصاف الثابتة عند العقلاء. ويؤيدها ما ورد فيمن تلف عنده درهم مردد بين أن يكون ممن أودع عنده درهمين ، ومن أودع عنده درهما واحدا من الحكم بإعطاء درهم ونصف لصاحب الدرهمين ، ونصف درهم لصاحب الدرهم الواحد ، فانه لا يستقيم إلّا على ما ذكرناه من قاعدة العدل والإنصاف. هذا ما يقتضيه القاعدة.
واما التمسك بحديث لا ضرر في المقام فلا وجه له أصلا ، لما عرفت فيما تقدم أن الحديث لا ينفي إلّا الحكم الناشئ منه الضرر ، فلا يشمل ما نحن فيه الّذي فرض فيه تضرر أحد الشخصين مع قطع النّظر عن الحكم الشرعي.
ثم لا يخفى ان ما ذكرناه من الفروع انما هو فيما إذا لم يثبت أهمية أحد الضررين في نظر الشارع. واما إذا ثبت فلا بد من اختيار الضرر الآخر في جميع الفروض ، مثال ذلك ما إذا دخل رأس عبد محقون الدم في قدر شخص آخر ، فانه لا ينبغي الشك في عدم جواز قتل العبد ولو كان ذلك بفعل مالك العبد ، بل يتعين كسر