القطع الموضوعي فانه يكون ملحوظا استقلالا ، وعلى هذا ففي مقام تنزيل الطرق والأصول المحرزة منزلة القطع الطريقي لا بد وأن يلحظ المنزل والمنزل عليه باللحاظ الآلي بأن يكون الملحوظ حقيقة هو الواقع والمؤدى ، وفي مقام تنزيلها منزلة القطع الموضوعي لا بد من لحاظها باللحاظ الاستقلالي ، فإذا أريد جعل كلا التنزيلين وإنشاؤهما بدليل واحد يلزم لحاظ كل من القطع والطرق أو الأصول في أن واحد بلحاظين ، أحدهما آلي والآخر استقلالي ، ويستحيل تعلق لحاظين في آن واحد بملحوظ واحد ، سواء كانا استقلاليين أو آليين ، أو كان أحدهما آليا والآخر استقلاليا ، وهذا المحذور إنما يجري فيما إذا كان التنزيلان في آن واحد وبدليل فارد ، بخلاف ما لو كان بدليلين ، كأن يقال صدق العادل مثلا ، ويراد به التنزيل من حيث الطريقية ، ثم يقول ثانيا صدق العادل ويقصد به التنزيل من حيث الموضوعية ، فانه لا محذور في ذلك.
ثم بعد هذا البيان أورد على نفسه بأنّ لازمه أن يكون دليل التنزيل مجملا إذا لم يعلم أن المصحح للتنزيل والجعل كان هو اللحاظ الآلي أو اللحاظ الاستقلالي ، ولا يكون لأحدهما مرجح على الآخر.
ثم أجاب عن ذلك : بأنّ تنزيل شيء منزلة القطع يكون ظاهرا عرفا في التنزيل من حيث الطريقية ، ويعرف ذلك من مراجعة العرف ، فإذا لم يكن قرينة على الموضوعية يحمل على ظهوره الأولي.
هذا حاصل ما أفاد (١).
وفيه : أولا : أنه مناف لما التزم به من أن المجعول في الطرق والأمارات هو الحجية ، أي المنجزية على تقدير موافقتها للواقع والمعذورية على تقدير المخالفة ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢١ ـ ٢٢.