الاجتماع في المقام يلتزم بالتأكد كما يلتزم به هناك ، فقياس الظن بالقطع من هذه الجهة مع الفارق. وأما أخذ الظن بالحكم في موضوع ضده فالظاهر أنه غير ممكن ، لأنه مناف لدليل اعتبار ذلك الظن ، فان مقتضى اعتبار الظن هو لزوم ترتيب آثار متعلقه خارجا ومع ذلك كيف يمكن الحكم بترتيب آثار ضده ، وهذا واضح جدا.
وأما الظن غير المعتبر فأخذه في موضوع المخالف أو المماثل في غاية الوضوح ، وربما يتوهم استحالة أخذه جزء للموضوع ، لأن ذلك الجزء الآخر ان كان محرزا بنفس هذا الظن غير المعتبر فلا يكون محرزا أصلا ، لا وجدانا لأنه ظن ولا تعبدا لأنه غير معتبر شرعا ولم يقم دليل على اعتباره على الفرض ، وان كان محرزا بالقطع الوجداني فهو خلف ، لأن الظن مناقض للقطع أو مضاد له ، فهذا النحو من التكليف لا يكون قابلا لأن يصير فعليا ، وإذا لم يكن قابلا للفعلية لا يكون قابلا للإنشاء أيضا للملازمة بين الأمرين. وهذا التوهم فاسد ، لأنه مبتن على أن يكون المحرز منحصرا في القطع والظن ، ومن الواضح عدم انحصار الحجة فيهما ، إذ يمكن إحراز الجزء الآخر بالبينة أو الاستصحاب وأمثال ذلك مما يكون معتبرا شرعا ولا يكون منافيا مع الظن أيضا ، مثلا لو فرضنا أن الحرمة مترتبة على مظنون الخمرية بنحو التركيب وكان مائع مستصحب الخمرية وتعلق الظن بخمريته أيضا فيلتئم الموضوع ، ويترتب عليه الحكم لثبوت كلا جزئيه.
وأما أخذ الظن غير المعتبر في موضوع حكم مضاد لمتعلقه فقد أفاد في الكفاية (١) إمكان ذلك بدعوى : أن الظن غير المعتبر في حكم الشك في الواقع ، فيكون رتبة الحكم الظاهري محفوظة ، فلا يلزم من جعل الحكم المضاد في فرض
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٥ ـ ٢٧.