واما إذا كان مستلزما له ، كما في دوران الأمر بين القصر والإتمام ، فربما يستشكل في حسن الاحتياط من وجوه.
الأول : انه يكون لعبا وعبثا بأمر المولى.
وأجاب عنه في الكفاية (١) :
أولا : بأنه يمكن أن يكون التكرار ناشئا من غرض عقلائي ، فلا يكون لعبا وعبثا.
وثانيا : ان الإتيان بما ليس بمأمور به في الواقع وان كان لعبا وعبثا واما الإتيان بما هو مصداق الواجب فليس هو بلعب ولا عبث ، ومن الظاهر ان ضم اللعب إليه لا يوجب كونه لعبا. وبعبارة أخرى : لزوم اللعب في المقام على تقدير تسليمه انما هو في كيفية الامتثال ، أي في كيفية إحراز الامتثال وتحصيل اليقين به ، فان الإتيان بغير المأمور به لا دخل له في تحقق أصل الامتثال ، وإنما هو مقدمة علمية.
ولا يخفى أن الجواب الصحيح عن الإشكال إنما هو هذا الجواب. وأما الجواب الأول فهو بمجرده غير واف بدفع الإشكال ، فان اللعب اللازم في المقام ان سرى إلى الامتثال فلا يجدي عدمه إذا كان التكرار بغرض عقلائي ، إذ اللازم هو صدور العبادة عن قصد قربي ، ولا يجدي في صحتها مطلق الغرض العقلائي.
الثاني : ما تقدم من المحقق النائيني رحمهالله من حكم العقل بطولية الامتثالين ، فلا يحسن الاحتياط مع التمكن من الامتثال القطعي (٢).
والجواب عنه : مضافا إلى ما تقدم ، أن في الفرض يكون التحرك عن التحريك الجزمي لا محالة ، إذ المفروض العلم بثبوت أصل التكليف ، ففي الإتيان بكل من
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٤٠.
(٢) فوائد الأصول : ٣ ـ ٧٣.