البحث لأنّا لا نبحث عن الأمور التكوينية ـ الثاني ـ المصالح والمفاسد المقتضية لجعل الأحكام كالعلم المقتضى للاكرام والفسق المانع عنه. فإن كان المراد ذلك فهذا ممنوع لأنه لا سبيل لنا الى تشخيص ملاكات الأحكام الشرعية وادراك المصالح والمفاسد حتى نشك فيها أو لا نشك إلّا لمن نزل عليه الوحي ـ والثالث ـ أن يراد بالمقتضى السببية المطلقة وبالمانع ما يعرض ويرفع المسبب كالوضوء حيث ان له السببية المطلقة للطهارة والحدث الذي سبب مطلق في نقض الطهارة ويرفعها أو كتطهير الشيء الذي له السببية المطلقة لحصول الطهارة مع ملاقاته لنجاسة أخرى توجب رفع الطهارة وكأسباب الحدث التي لها السببية في ظهوره وعروضه إلّا أن يعرضه الوضوء مثلا ـ وكالبيع الذي هو السبب على الاطلاق لحصول الملكية إلّا أن تعرضه الاقالة ومثل النكاح الذي هو سبب مطلق للمحرمية ولحلية الوطي ما لم يعرضه طلاق ـ فإن أريد هذا المعنى ففيه انّه أيضا مما لا يمكن تشخيصه واحرازه فإن الأمر دائر بين أن يقال ان الوضوء سبب للطهارة اطلاقا والحدث رافع لها وبين أن يقال ان الوضوء الذي لم يتعقبه الحدث موجب وسبب للطهارة والعقد الذي لم يتعقبه طلاق موجب لحلية الوطي فلا يعلم ان السبب للطهارة هو الوضوء الذي لم يتعقبه حدث أو أن الوضوء سبب للطهارة والحدث مانع فإن الشق الأول قد تضيقت دائرته من أول الأمر والذي يعيّن أحد الاحتمالين غير معلوم إلّا لمن نزل عليه الوحي. هذا ما ذكره رحمهالله في المقام ايرادا على قاعدة الاقتضاء.
والجواب عنه ـ ان من البديهي انّ العدم لا يؤثر ولا يتأثر وما يوهم خلاف ذلك كقولهم عدم المعلول يستند الى عدم علته فالمقصود انّ بينهما الملازمة فما دامت العلة معدومة فالمعلول كذلك وإلّا فلا يوجد عدم المعلول بعدم العلة بأن يكون عدم وجود العلة علة لعدم وجود المعلول وهكذا الحال في قولك الوضوء الذي لم يتعقبه الحدث سبب للطهارة فإن عدم الحدث ليس مؤثرا في الطهارة بل المؤثر هو الوضوء