كذا الّذى للتفضيل ، لأنّ ذلك من فقدان البصيرة. ومنهم من حمل الأوّل على عمى البصيرة والثانى على عمى البصر ، وإلى هذا ذهب (١) أبو عمرو ، فأمال الأوّل لمّا كان من عمى القلب ، وترك الإمالة فى الثانى لمّا كان اسما ، فالاسم أبعد من الإمالة. وقوله : (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى)(٢) ، و (قَوْماً عَمِينَ)(٣) ، (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى)(٤) ، (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً)(٥) محتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا.
وعمى عليه الأمر : اشتبه حتى صار بالإضافة إليه كالأعمى ، قال تعالى : (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ)(٦).
وعن يرد على ثلاثة أوجه :
١ ـ يكون حرفا جارا. ولها عشرة معان :
١ ـ المجاوزة : سافرت عن البلد.
٢ ـ البدل : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)(٧).
٣ ـ الاستعلاء : (فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ)(٨) ، أى عليها.
٤ ـ والتعليل : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ)(٩).
٥ ـ ومرادفة بعد : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ)(١٠).
__________________
(١) الذى فى البحر المحيط ٦ / ٦٤ أن قراءة أبى عمرو تخرج أن الأول من عمى البصر فهو وصف لا يتعلق به شىء ، والثانى من عمى القلب فهو أفعل تفضيل وكماله بتقدير (من) فليس ألفه فى النهاية فكانت أبعد عن الامالة بخلاف الأول فألفه فى النهاية فقبلت الامالة
(٢) الآية ٤٤ سورة فصلت
(٣) الآية ٦٤ سورة الأعراف
(٤) الآية ١٢٤ سورة طه
(٥) الآية ٩٧ سورة الاسراء
(٦) الآية ٦٦ سورة القصص
(٧) الآيتان ٤٨ ، ١٢٣ سورة البقرة
(٨) الآية ٣٨ سورة محمد
(٩) الآية ١١٤ سورة التوبة
(١٠) الآية ٤٠ سورة المؤمنين