«طوبى للغرباء. قالوا : يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال : الذين يزيدون إذا نقص النّاس» ، فإن كان هذا الحديث محفوظا بهذا اللفظ فمعناه : الّذين يزيدون خيرا وإيمانا وتقى إذا نقص النّاس. والله أعلم.
وفى لفظ : قيل من الغرباء يا رسول الله؟ قال : نزّاع (١) القبائل. وفى حديث عبد الله بن عمرو أنه قال صلىاللهعليهوسلم : «طوبى للغرباء. قيل : ومن الغرباء؟ قال : ناس صالحون قليل فى ناس سوء كثير ، من يبغضهم أكثر ممّن يطيعهم». وعند عبد الله بن عمرو أنه قال : «إن أحبّ شىء إلى الله الغرباء. قيل : ومن الغرباء؟ قال : الفارّون بدينهم يجتمعون إلى عيسى بن مريم يوم القيامة». وفى حديث آخر : «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. قيل ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال : الذين يحبون سنّتى ويعلّمونها النّاس».
فهؤلاء هم الغرباء الممدوحون المغبوطون. ولقلمّتهم فى الناس جدّا سمّوا غرباء. فإنّ أكثر النّاس على غير هذه الصّفات. فأهل الإسلام فى الناس غرباء ، وأهل العلم فى أهل الإسلام غرباء ، وأهل السنّة الذين تميّزوا بها من الأهواء والبدع فيهم غرباء ، والداعون الصّابرون على أذى المخالفين لهم هؤلاء أشدّ غربة (٢) ، ولكن هؤلاء هم أهل الله فلا غربة عليهم ، وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله فيهم : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ)(٣) فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه ، وغربتهم هى الغربة الموحشة.
__________________
(١) النزاع : جمع نازع ، وهو الغريب الذى نزع من أهله وعشيرته أى بعد وغاب. وسيأتى للمؤلف شرحه
(٢) فى الأصلين : (غرباء)
(٣) الآية ١١٦ سورة الأنعام