وقال تعالى عن يوسف عليهالسلام : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ)(١) ، (وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ)(٢).
فاسم / الفتى لا يشعر بمدح ولا ذمّ كاسم الشابّ والحدث. ولذلك لم يجئ لفظ الفتوّة فى الكتاب والسنّة ولا فى كلام السّلف ، وإنما استعمله من بعدهم فى مكارم الأخلاق. قيل : أقدم من تكلّم فى الفتوّة جعفر الصّادق ، ثمّ الفضيل بن عياض ، والإمام أحمد ، وسهل بن عبد الله التسترىّ ، والجنيد ، ثم طائفة. سئل جعفر عنها وقال للسّائل ما تقول؟ قال. إن أعطيت شكرت ، وإن منعت صبرت. فقال : الكلاب عندنا كذلك. فقال : يا ابن رسول الله فما الفتوّة عندكم؟ قال : إن أعطينا آثرنا ، وإن منعنا شكرنا. وقال الفضيل : الفتوّة : الصّفح عن عثرات الإخوان. وسئل الإمام أحمد عن الفتوّة ، فقال : ترك ما تهوى لما تخشى. وسئل الجنيد عنها فقال : ألّا تنافر فقيرا ، ولا تعارض غنيّا. وقال الحارث المحاسبىّ : الفتوة أن تنصف ولا تنتصف. وقال عمرو ابن عثمان المكىّ : الفتوة حسن الخلق. وقال محمّد بن على الترمذىّ : الفتوة أن تكون خصيما (٣) لربّك على نفسك. وقيل : الفتوة ألّا ترى لنفسك فضلا على غيرك. وقال الدقّاق : هذا الخلق لا يكون كماله إلّا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإنّ كلّ أحد يقول يوم القيامة : نفسى نفسى ، وهو يقول : أمّتى أمّتى. وقيل الفتوّة : كسر الصّنم الذى بينك وبين الله وهو نفسك ؛ فإنّ الله تعالى حكى عن قصة (٤)
__________________
(١) الآية ٣٦ سورة يوسف
(٢) الآية ٦٢ سورة يوسف
(٣) فى الرسالة القشيرية ١٣٤ : «خصما»
(٤) فى الأصلين : «نفسه» ويظهر أنه محرف عما أثبت