إبراهيم أنّه جعل الأصنام جذاذا فكسر الأصنام له ، فالفتى من كسر صنما واحدا لله. وقيل : الفتوّة ألّا تكون خصما لأحد يعنى فى حظّ نفسك ، وأمّا فى حق الله فالفتوّة أن تكون خصما لكل أحد ولو كان الحبيب المصافيا (١). وقال الثورىّ (٢) : أن يستوى عندك المقيم والطّارئ. وقال بعضهم : ألّا يميز بين أن يأكل عنده ولىّ أو كافر. وقال الجنيد أيضا : الفتوة كفّ الأذى ، وبذل الندى. وقال سهل : هى اتّباع السنّة. وقيل : الوفاء والحفاظ. وقيل : فضيلة تأتيها ولا ترى نفسك فيها. وقال (٣) : ألا تحتجب ممّن قصدك. وقيل : ألّا تهرب إذا أقبل العافى ، يعنى طالب المعروف. وقيل : إظهار النعمة ، وإسرار المحنة. وقيل : ألّا تدّخر ولا تعتذر. وقيل : تزوّج رجل امرأة فلمّا دخل عليها رأى بها الجدرىّ فقال : عينى (٤) ثم قال : عميت. فبعد عشر سنين ماتت ولم تعلم أنه بصير. وقيل : ليس من الفتوّة أن تربح على صديق. ويذكر أن رجلا نام من الحاجّ بالمدينة ففقد هميانا (٥) فيه ألف دينار. فقام فزعا فوجد جعفر بن محمّد رضى الله عنه فتعلّق به وقال : أخذت هميانى. فقال أيش كان فيه؟ فقال : ألف دينار. فأدخله داره ووزن له ألف دينار ، ثمّ إنه وجد هميانه فجاء معتذرا إلى جعفر بالمال ، فأبى أن يقبله ، وقال : شىء أخرجته من يدى لا أستردّه أبدا.
وقال الشيخ عبد الله الأنصارى : نكتة الفتوة ألّا تشهد لك فضلا ،
__________________
(١) كذا. وهذا إنما يأتى فى الشعر فأما فى النثر فيقال : «المصافى»
(٢) فى الرسالة ١٣٥ نسبة هذا القول إلى محمد بن على الترمذى
(٣) فى الرسالة : «قيل» وهو أولى.
(٤) فى الرسالة : «اشتكت عينى»
(٥) هو وعاء الدراهم