قد أترك القرن مصفرّا أنامله |
|
كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (١) |
فإن جعلتها اسما (٢) شدّدتها ، قلت : كتبت قدّا حسنة. وكذلك كى ، وهو ، ولو ، لأنّ هذه الحروف لا دليل على [ما](٣) نقص منها ، فيجب أن يزاد فى آخرها ما هو من جنسها ويدغم ، إلّا فى الألف فإنّك تهمزها. ولو سمّيت رجلا ب (لا) و (ما) ثم زدت فى آخره ألفا همزت ؛ لأنك تحرك الثانية ، والألف إذا تحركت صارت همزة.
فأمّا قولهم : قدك بمعنى حسبك ، وقدنى بمعنى حسبى ، فاسم ، تقول : قدى وقدنى / أيضا بالنون على غير قياس ؛ لأنّ هذه النّون إنّما تزاد فى الأفعال وقاية لها ، مثل : ضربنى وشتمنى. قال ابن عتّاب الطّائىّ :
فناولته من رسل كوماء جلدة |
|
وأغضيت عنه الطرف حتى تضلّعا (٤) |
إذا قال : قدنى ، قلت : بالله حلفة |
|
لتغنينّ عنّى ذا إنائك أجمعا |
وفى رواية أبى زيد فى نوادره :
إذا هو آلى حلفة قلت مثلها |
|
لتغنينّ عنّى ذا إنائك أجمعا |
وقد : كلمة لا يكون الماضى حالا إلّا بإضمارها أو بإظهارها معه ، وذلك مثل قول الله تعالى : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ)(٥) ، لا يكون (حَصِرَتْ) حالا إلا باضمار قد ، فيكون تقدير الكلام : حصرة صدورهم. وقال الفرّاء فى
__________________
(١) الفرصاد : التوت. ومعنى (مصفرا أنامله) أنه مات ، وخص الأنامل لأن الصفرة إليها أسرع. وانظر شرح شواهد سيبويه للأعلم فى حواشى الكتاب ٢ / ٣٠٧
(٢) رد هذا ابن برى بأن التشديد إنما يجب فى المعتل كلا ونحوها ، فأما الصحيح كما فى قد فلا يجب فيه ذلك. وانظر اللسان
(٣) زيادة من اللسان والتاج
(٤) الرسل : اللبن. والكوماء : الناقة السمينة. والجلدة : القوية. وتضلع : امتلأ ريا
(٥) الآية ٩٠ سورة النساء