اللهِ قُرْباناً آلِهَةً)(١) من قولهم : قربان الملك لمن يتقرّب بخدمته إلى الملك ، ويستعمل ذلك للواحد والجمع. وقرابين الملك : جلساؤه وخواصّه ، تقول : فلان من قربان الملك ، ومن بعدانه ؛ ولكونه فى هذا الموضع جمعا قال تعالى : (آلِهَةً). والتقرّب : التحرّى لما يقتضى حظوة.
وقرب الله تعالى من العبد : هو الإفضال عليه والفيض (لا بالمكان. وقرب العبد من الله فى الحقيقة (٢)) : التخصّص بكثير من الصّفات الّتى يصحّ أن يوصف الله بها ، وإن لم يكن وصف الإنسان به على الحدّ الذى يوصف به الله تعالى ، نحو الحكمة والعلم والرّحمة ، وذلك يكون بإزالة الأوساخ : من الجهل والطيش والغضب والحاجات البدنيّة ، بقدر طاقة البشر ، وذلك قرب روحانىّ لا بدنىّ. وعلى هذا القرب نبّه صلىاللهعليهوسلم [فيما ذكر عن الله تعالى (٣)] : «من تقرّب منىّ شبرا تقرّبت منه ذراعا (٤)» وقوله عن الله عزوجل أيضا : «ما تقرّب إلىّ عبدى بمثل أداء ما افترضته ولا يزال العبد يتقرّب إلىّ بالنّوافل حتّى أحبّه». الحديث.
وقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى)(٥) هو أبلغ من النّهى عن الزنى ، لأنّ النّهى عن قربه أبلغ من النّهى عن إتيانه ، وكذا قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ)(٦) أبلغ من النّهى عن تناوله ، وكذا قوله : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ)(٧) أبلغ من ولا تأكلا (٨) من ثمرها.
__________________
(١) الآية ٢٨ سورة الأحقاف
(٢) سقط ما بين القوسين فى ب
(٣) زيادة من الراغب
(٤) من حديث متفق عليه عن أبى هريرة (الاحياء : كتاب الأذكار)
(٥) الآية ٣٢ سورة الاسراء
(٦) الآية ١٥٢ سورة الأنعام والآية ٣٤ سورة الاسراء
(٧) الآية ٣٥ سورة البقرة ، والآية ١٩ سورة الأعراف
(٨) فى الأصلين : «ولا تأكل» والمناسب ما أثبت