وقوله : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)(١) ، وإنما سمّاه قول الحقّ تنبيها على ما قال : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٢). وتسميته قولا كتسميته كلمة فى قوله : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ)(٣).
وأمّا قوله : (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ)(٤) فمعناه : فى أمر البعث ، فسمّاه قولا ، فإن المقول فيه يسمّى قولا ، كما أنّ المذكور يسمّى ذكرا.
وقوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)(٥) نسب القول إلى الرّسول ، وذلك لأنّ القول الصّادر إليك عن رسول يبلّغه إليك عن مرسل له يصحّ أن تنسبه إليه تارة ، وإلى رسوله تارة. وكلاهما صحيح.
وقوله : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)(٦) لم يرد به القول النطقى فقط ، بل أراد ذلك إذا كان معه اعتقاد وعمل.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ)(٧) ، وقوله : (عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ)(٨) المراد بهما القرآن ولهما نظائر.
وقوله : (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً)(٩) أمر بوعظهم وتذكيرهم ، والمبالغة فى ذلك.
__________________
(١) الآية ٣٤ سورة مريم. وفى «قَوْلَ الْحَقِّ» قراءتان : قرأ بالنصب عاصم وابن عامر ، وقرأ الباقون بالرفع. وكون «قَوْلَ الْحَقِّ» من صفة عيسى أحد وجهين فى الآية ، والوجه الآخر أن هذا من صفة الكلام والحديث عن عيسى عليه الصلاة والسّلام.
(٢) الآية ٥٩ سورة آل عمران
(٣) الآية ١٧١ سورة النساء
(٤) الآية ٨ سورة الذاريات
(٥) الآية ١٩ سورة التكوير
(٦) الآية ١٥٦ سورة آل عمران
(٧) الآية ٥١ سورة القصص.
(٨) الآيتان ١٧ ، ١٨ سورة الزمر
(٩) الآية ٦٣ سورة النساء