وقوله : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ)(١) ، قيل : منسوخ ، وإنه كان فى أوّل / الأمر كان يعرض الإسلام على المرء ، فإن أجاب وإلّا ترك. وقيل : إنّ ذلك فى أهل الكتاب ، (فإنهم إن أدّوا الجزية والتزموا الشرائط تركوا) (٢). وقيل : معناه لا حكم لمن أكره على دين باطل ، فاعترف به ودخل فيه ، كما قال : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(٣). وقيل معناه : لا اعتداد فى الآخرة بما يفعله الإنسان من الطّاعة كرها ، فإنّ الله تعالى عليم بالسّرائر ، ولا يرضى إلّا الإخلاص. وقيل معناه : لا يحمل الإنسان على أمر مكروه فى الحقيقة ممّا يكلّفهم الله ، بل يحملون على نعم الأبد. قال صلىاللهعليهوسلم : «عجب ربّك من قوم يقادون إلى الجنّة بالسّلاسل (٤)». وقيل : الدّين هنا بمعنى الجزاء ، أى أنه ليس بمكره على الجزاء ، بل يفعل ما يشاء بمن يشاء كما يشاء.
وقوله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)(٥) قيل : من فى السّماوات طوعا ، ومن فى الأرض كرها ، أى الحجة أكرهتهم وألجأتهم ، وليس هذا من الكره المذموم. وقيل معناه : أسلم المؤمنون طوعا والكافرون كرها. وقال قتادة : أسلم المؤمنون له طوعا والكافرون كرها عند الموت حيث قال : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا)(٦) وقيل : عنى بالكره من قوتل وألجئ إلى أن يؤمن. قال أبو العالية ومجاهد :
__________________
(١) الآية ٢٥٦ سورة البقرة
(٢) فى ب : «الذين أدوا الجزية والتزموا الشرائط»
(٣) الآية ١٠٦ سورة النحل
(٤) ورد فى الجامع الصغير عن أحمد والبخارى وغيرهما. وفيه : «ربنا» فى مكان «ربك»
(٥) الآية ٨٣ سورة آل عمران
(٦) الآية ٨٥ سورة غافر