تعالى فى الكفران : (لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ)(١) ، وقوله : (فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ)(٢) ، أى تحرّيت كفران نعمتى.
ولمّا كان الكفران جحود النعمة صار يستعمل فى الجحود : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ)(٣) أى جاحد وساتر.
وقد يقال : كفر لمن أضلّ بالشريعة ، وترك ما لزمه من شكر الله تعالى عليه ، قال تعالى : / (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ)(٤) ، ويدلّ على ذلك مقابلته بقوله : (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ). وقوله : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ)(٥) أى لا تكونوا أئمة فى الكفر فيقتدى بكم. وقال : (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٦) ، وعنى بالكافر الساتر للحقّ ، فلذلك جعله فاسقا ، ومعلوم أن الكفر المطلق هو أعظم من الفسق ، ومعناه : من جحد حقّ الله فقد فسق عن أمر ربه بظلمه. ولمّا جعل كلّ فعل محمود من الإيمان جعل كلّ مذموم من الكفر. وقال فى السّحر : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا)(٧) ، وقال : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(٨) إلى قوله : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ).
والكفور : المبالغ فى كفران النعمة ، قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ)(٩) فإن قيل : كيف وصف الإنسان بالكفور هاهنا ، ولم يرض حتى أدخل عليه (إنّ) (١٠) وكل ذلك تأكيد ، وقال فى موضع آخر : (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ
__________________
(١) الآية ٤٠ سورة النمل
(٢) الآية ١٩ سورة الشعراء
(٣) الآية ٤١ سورة البقرة
(٤) الآية ٤٤ سورة الروم
(٥) الآية ٤١ سورة البقرة
(٦) الآية ٥٥ سورة النور
(٧) الآية ١٠٢ سورة البقرة
(٨) الآية ٩٧ سورة آل عمران
(٩) الآية ٦٦ سورة الحج
(١٠) فى الراغب بعده : «واللام»