وإن كان الترتيب مناسبا ولكن الأول عند انتفائه شىء آخر يخلفه بما / يقتضى وجود الثانى [فالثانى غير منتف (١)] ، كقولنا : لو كان إنسانا لكان حيوانا ؛ فإنه عند انتفاء الإنسانية قد يخلفها غيرها ممّا يقتضى وجود الحيوانيّة. وهذا ميزان مستقيم مطّرد حيث وردت لو وفيها معنى الامتناع.
وقال بعض العصريّين ممن يودّ تصحيح عبارة سيبويه وترجيحها : مدلول لو الشرطيّة امتناع التالى لامتناع المقدّم مطلقا. وهذا هو المفهوم من قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ)(٢) ، فالمعنى والله أعلم ـ ولكن حق القول فلم أشأ ، أو لم أشأ فحقّ القول : (وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ)(٣) ، أى فلم يريكموهم (٤) لذلك. (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ)(٥) ، (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ)(٦) ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ)(٧) ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ)(٨) ، (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ)(٩) ، (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً
__________________
(١) زيادة يقتضيها المقام.
(٢) الآية ١٣ سورة السجدة.
(٣) الآية ٤٣ سورة الأنفال.
(٤) وردت العبارة هكذا فى المغنى (لو) ، والواجب فى النحو «يركموهم» ولها تخريج فى الحواشى.
(٥) الآية ١٧٦ سورة الأعراف.
(٦) لا مكان لهذه الآية هنا فإن الكلام فى (لو) لا فى لو لا.
(٧) الآية ٢٥٣ سورة البقرة.
(٨) الآية ٤٨ سورة المائدة.
(٩) الآية ٨١ سورة المائدة.