يضعه ، إلى آخر قدم ينتهى إليه (١) يكون سلوكه على غير طريق موصّل ، وهو مقطوع عليه ومسدود عليه سبل الهدى والفلاح ، وهذا إجماع من السادة العارفين. ولم ينه عن العلم إلّا قطّاع الطّريق ونوّاب إبليس.
قال سيّد الطّائفة وإمامهم الجنيد ـ رحمهالله ـ : الطّرق كلّها مسدودة على الخلق إلّا من اقتفى أثر رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقال : من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به فى هذا الأمر ؛ لأن علمنا مقيّد بالكتاب والسنّة. وقال أبو حفص : من لم يزن أفعاله وأقواله فى كلّ وقت بالكتاب والسنّة ولم يتّهم خواطره لا يعدّ فى ديوان الرّجال. وقال أبو سليمان الدّارانى : ربّما يقع فى قلبى النكتة من نكت القوم أيّاما فلا أقبل منه إلّا بشاهدين عدلين : الكتاب والسنّة. وقال السّرىّ (٢) : التصوّف اسم لثلاثة معان : لا يطفئ نور معرفته نور ورعه ، ولا يتكلّم فى باطن علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب ، ولا تحمله الكرامات على هتك أستار محارم الله. وقال الجنيد (٣) : لقد هممت مرة أن أسأل الله تعالى أن يكفينى مئونة النّساء ، ثم قلت : كيف يجوز أن أسأل هذا ولم يسأله رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم أسأله ، ثمّ إنّ الله تعالى كفانى مئونة النساء حتى لا أبالى استقبلتنى امرأة أو حائط وقال (٤) : لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات أن تربّع فى الهواء فلا تغترّوا به حتّى تنظروا
__________________
(١) الأولى : «يضعها» و «إليها» فان القدم مؤنثة ، ولكنه ذهب بها مذهب العضو
(٢) هو السرى السقطى خال الجنيد وأستاذه ، من رجال الرسالة. مات سنة ٢٥٧ ه
(٣) فى الرسالة القشيرية ١٧ نسبة هذا الكلام إلى أبى يزيد البسطامى
(٤) نسب أيضا إلى أبى يزيد فى الرسالة ١٨