كيف تجدونه عند الأمر والنهى وحفظ الحدود وآداب الشريعة. وقال النّورىّ أبو الحسين : من رأيتموه يدّعى مع الله حالة تخرجه عن حدّ العلم الشرعىّ فلا تقربوه. وقال النصرآبادي : أفضل التصوف ملازمة الكتاب والسنّة ، وترك الأهواء والبدع ، وتعظيم كرامات المشايخ ، ورؤية أعذار الخلق ، والمداومة على الأوراد ، وترك ارتكاب الرّخص والتأويلات.
والكلمات الّتى تروى عن بعضهم فى التزهيد فى العلم فمن أنفاس الشيطان ، كمن قال : نحن نأخذ علمنا من الحىّ الّذى لا يموت ، وأنتم تأخذونه من حىّ يموت. وقال آخر : العلم حجاب بين القلب وبين الله. وقال آخر : إذا رأيت الصّوفىّ يشتغل بحدّثنا وأخبرنا فاغسل يدك منه. وقال آخر : لنا علم الحروف ولكم علم الورق. وقيل : لبعضهم : ألا ترحل حتى تسمع من عبد الرزّاق فقال : ما يصنع بالسّماع من عبد الرزّاق من يسمع من الخلّاق؟! وأحسن أحوال قائل مثل هذه أن يكون جاهلا يعذر بجهله ، أو والها شاطحا مصرفا بسخطه ، وإلّا فلو لا عبد الرزّاق وأمثاله من حفّاظ السنة لما وصل إلى هذا وأمثاله شىء من الإسلام ، ومن فارق الدليل (١) ضلّ عن السّبيل. ولا دليل إلى الله والجنّة إلّا الكتاب والسنة.
والعلم خير من الحال (٢). الحال محكوم عليه والعلم حاكم ، والعلم هاد والحال تابع. الحال سيف فإن لم يصحبه علم فهو مخراق (٣) لاعب. الحال مركوب لا يجارى ، فإن لم يصحبه علم ألقى صاحبه فى المتالف
__________________
(١) فى الأصلين : «الدنيا» وظاهر أنه تحريف عما أثبت
(٢) يريد حال المريد السالك فى طريق الله. وهو ما يرد على قلبه من المعانى كالطرب والحزن والشوق والانزعاج والقبض والبسط. وانظر الرسالة ٤٠ وما بعدها
(٣) المخراق : المنديل يلف ليضرب به