الأعمش عن إبراهيم قال : كان أبو بكر وعمر يجعلان سهم النبي صلىاللهعليهوسلم في الكراع والسلاح.
ومنهم من يرى صرفه لبقية الأصناف : ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
وقد رجح ابن جرير هذا الرأى فقال : والصواب من القول في ذلك عندنا : أن سهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مردود في الخمس ، والخمس مقسوم على أربعة أسهم على ما روى عن ابن عباس : للقرابة سهم ، ولليتامى سهم ، وللمساكين سهم ، ولابن السبيل سهم ، لأن الله ـ تعالى ـ أوجب الخمس لأقوام موصوفين بصفات ، كما أوجب الأربعة الأخماس الآخرين. وقد اجمعوا أن حق أهل الأربعة الأخماس لن يستحقه غيرهم ، فكذلك حق أهل الخمس لن يستحقه غيرهم ، فغير جائز أن يخرج عنهم إلى غيرهم ..».
٤ ـ المراد بذي القربى ـ كما سبق أن أشرنا ـ بنو هاشم وبنو المطلب على الراجح. وعليه فإن السهم المخصص لذي القربى لا يصرف إلا لهم.
قال القرطبي ما ملخصه : اختلف العلماء في ذوى القربى على ثلاثة أقوال :
أولها : أن المراد بهم قريش كلها : قاله بعض السلف ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم لما صعد الصفا جعل يهتف يا بنى فلان يا بنى عبد مناف .. أنقذوا أنفسكم من النار.
ثانيها : أن المراد بهم بنو هاشم وبنو المطلب. قاله الشافعى وأحمد وأبو ثور ومجاهد .. لأن النبي صلىاللهعليهوسلم لما قسم سهم ذوى القربى بين بنى هاشم وبنى المطلب قال : «إنهم لم يفارقونى في جاهلية ولا إسلام وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» وشبك بين أصابعه. أخرجه البخاري والنسائي.
ثالثها : أن المراد بهم بنو هاشم خاصة. قاله مجاهد وعلى بن الحسين. وهو قول مالك والثوري والأوزاعى وغيرهم (١).
وقال الآلوسى : وكيفية القسمة عند الأصحاب أنها كانت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم على خمسة أسهم سهم له صلىاللهعليهوسلم وسهم للمذكورين من ذوى القربى ، وثلاثة أسهم للأصناف الثلاثة الباقية.
وأما بعد وفاته صلىاللهعليهوسلم فسقط سهمه .. وكذا سقط سهم ذوى القربى ، وإنما يعطون بالفقر ، ويقدم فقراؤهم على فقراء غيرهم ، ولا حق لأغنيائهم ، لأن الخلفاء الأربعة قسموا الخمس كذلك وكفى بهم قدوة ...
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٨ ص ١٢.