شريعتهم على ألسنة رسلهم ، وإنما غيروا وبدلوا فيها على حسب ما تمليه عليهم أهواؤهم.
أى أنهم لا يحرمون ما حرمه الله لا في شريعتنا ولا في شريعتهم.
فاليهود ـ بجانب كفرهم بشريعتنا ـ لم يطيعوا شريعتهم ، بدليل أنهم استحلوا أكل أموال الناس بالباطل مع أنها. أى شريعتهم. نهتهم عن ذلك.
قال ـ تعالى ـ (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ ...) (١).
والنصارى ـ بجانب كفرهم ـ أيضا ـ بشريعتنا ـ لم يطيعوا شريعتهم بدليل أنهم ابتدعوا الرهبانية مع أن شريعتهم لم تشرع لهم ذلك.
قال ـ تعالى ـ (ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا ، وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ ، وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) (٢).
ورابعا : (لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ). وقوله : (يَدِينُونَ) بمعنى يعتقدون ويطيعون. يقال : فلان يدين بكذا إذا اتخذه دينه ومعتقده وأطاع أوامره ونواهيه.
والمراد بدين الحق : دين الإسلام الناسخ لغيره من الأديان.
أى : أنهم لا يتخذون دين الإسلام دينا لهم ، مع أنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده ، والذي لا يقبل ـ سبحانه ـ دينا سواه. قال ـ تعالى ـ : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ...) (٣).
وقال ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٤).
ويصح أن يكون المراد بدين الحق. ما يشمل دين الإسلام وغيره من الأديان السماوية التي جاء بها الأنبياء السابقون.
أى : ولا يدينون بدين من الأديان التي أنزلها الله على أنبيائه ، وشرعها لعباده ، وإنما هم يتبعون أحبارهم ورهبانهم فيما يحلونه لهم ويحرمونه عليهم.
__________________
(١) سورة النساء. الآية ١٦١.
(٢) سورة الحديد ٢٧.
(٣) سورة المائدة. الآية ٣.
(٤) سورة آل عمران الآية ٨٥.