(فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ) الآية ... فاخترطوا (١) السيوف والجرزة (٢) والخناجر والسكاكين. قال : وبعث عليهم ضبابة ، قال : فجعلوا يتلامسون بالأيدي ، ويقتل بعضهم بعضا. قال : ويلقى الرجل أباه وأخاه فيقتله ولا يدري ، ويتنادون فيها : رحم الله عبدا صبر حتّى يبلغ الله رضاه. وقرأ قول الله جلّ ثناؤه : (وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ)(٣). قال : فقتلاهم شهداء ، وتيب على أحيائهم. وقرأ : (فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(٤).
[٢ / ١٩١٦] وعن السدّي ، قال : لمّا رجع موسى إلى قومه (قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً) إلى قوله : (فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ)(٥) ف (أَلْقَى) موسى (الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ)(٦)(قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)(٧) فترك هارون ومال إلى السامريّ ، ف (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ) إلى قوله : (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً)(٨). ثمّ أخذه فذبحه ، ثمّ حرّقه بالمبرد (٩) ، ثمّ ذراه في اليمّ ، فلم يبق بحر يجري يومئذ إلّا وقع فيه شيء منه. ثمّ قال لهم موسى : اشربوا منه! فشربوا ، فمن كان يحبّه خرج على شاربيه الذهب ، فذلك حين يقول : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ)(١٠). فلمّا سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى ، (وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)(١١) فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلّا بالحال التي كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل ، فقال لهم موسى : (يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) قال : فصفوا صفّين ثمّ
__________________
(١) اخترطوا : سلّوا.
(٢) الجرزة : جمع جرز ، وهو عمود من حديد يقاتل به.
(٣) الدخان ٤٤ : ٣٣.
(٤) الطبري ١ : ٤١٠ ـ ٤١١ / ٧٩٤ ؛ ابن كثير ١ : ٩٦ ، عن زيد بن أسلم.
(٥) طه ٢٠ : ٨٦ ـ ٨٧.
(٦) الأعراف ٧ : ١٥٠.
(٧) طه ٢٠ : ٩٤.
(٨) طه ٢٠ : ٩٥ ـ ٩٧.
(٩) حرّقه بالمبرد : برده.
(١٠) البقرة : ٢ : ٩٣.
(١١) الأعراف ٧ : ١٤٩.