ومرّة أخرى تدركهم رحمة الله وتوهب لهم فرصة الحياة عسى أن يذكّروا ويشكروا. ويذكّرهم هنا مواجهة بهذه النعمة :
(ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١).
[٢ / ١٩٤٢] قال عليّ بن إبراهيم ـ في تفسير الآية ـ : وهؤلاء هم السبعون الّذين اختارهم موسى ليسمعوا كلام الله. فلمّا سمعوا الكلام قالوا : لن نؤمن لك يا موسى حتّى نرى الله جهرة ، فبعث الله عليهم صاعقة فاحترقوا ، ثمّ أحياهم الله بعد ذلك وبعثهم أنبياء .. (٢) أي حاملين نبأ هذا الحادث إلى بني إسرائيل.
قال : فهذا دليل على [إمكان] الرجعة في أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لم يكن في بني إسرائيل شيء إلّا وفي أمّتي مثله (٣).
[٢ / ١٩٤٣] وهكذا روى أبو جعفر الطبري بالإسناد إلى السدّي : أنّ معنى قوله تعالى (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ) أي بعثناكم أنبياء.
قال : وتأويل الكلام على ما تأوّله السدّي : فأخذتكم الصاعقة ، ثمّ أحييناكم من بعد موتكم وأنتم تنظرون إلى إحيائنا إيّاكم من بعد موتكم ، ثمّ بعثناكم أنبياء لعلّكم تشكرون.
قال : وزعم السدّي أنّ ذلك من المقدّم الذي معناه التأخير ، والمؤخّر الذي معناه التقديم.
قال : والواجب على تأويل السدّي الذي حكيناه عنه أن يكون معنى قوله : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) : تشكروني على تصييري إيّاكم أنبياء.
قال : وهذا تأويل يدلّ ظاهر التلاوة على خلافه ، مع إجماع أهل التأويل على تخطئته (٤).
[٢ / ١٩٤٤] وروى الصدوق بإسناده إلى الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام قال : «إنّهم السبعون الّذين اختارهم موسى وصاروا معه إلى الجبل ، فقالوا له : إنّك قد رأيت الله فأرناه كما رأيته! فقال موسى : إنّي لم أره! فقالوا : لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن
__________________
(١) في ظلال القرآن ١ : ٩٢ ـ ٩٣.
(٢) القمّي ١ : ٤٧.
(٣) راجع : إكمال الدين للصدوق ٢ : ٥٧٦. والبحار ٢٨ : ١٠ / ١٥. وسنتكلّم عن حديث الرجعة في مجال متناسب إن شاء الله.
(٤) الطبري ١ : ٤١٥ / ٨٠٤ ـ ٨٠٥.