وقال آخرون :
[٢ / ١٩٥٣] معنى قوله : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ) أي بعثناكم أنبياء. حدّثني بذلك موسى بن هارون بإسناده عن السدّي.
قال أبو جعفر : وتأويل الكلام على ما تأوّله السدّي : فأخذتكم الصاعقة ، ثمّ أحييناكم من بعد موتكم ، وأنتم تنظرون إلى إحيائنا إيّاكم من بعد موتكم ، ثمّ بعثناكم أنبياء لعلّكم تشكرون. وزعم السدّي أنّ ذلك من المقدّم الذي معناه التأخير ، والمؤخّر الذي معناه التقديم.
وهذا تأويل يدلّ ظاهر التلاوة على خلافه مع إجماع أهل التأويل على تخطئته. والواجب على تأويل السدّي الذي حكيناه عنه أن يكون معنى قوله : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) تشكروني على تصييري إيّاكم أنبياء (١).
[٢ / ١٩٥٤] وعن قتادة في قوله : (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ. ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) قال : أخذتهم الصاعقة ، ثمّ بعثهم الله تعالى ليكملوا بقيّة آجالهم (٢).
[٢ / ١٩٥٥] وعن الربيع بن أنس في قوله : (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) قال : هم السبعون الّذين اختارهم موسى فساروا معه. قال : فسمعوا كلاما ، فقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) قال : فسمعوا صوتا فصعقوا. يقول : ماتوا. فذلك قوله : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) فبعثوا من بعد موتهم ؛ لأنّ موتهم ذاك كان عقوبة لهم ، فبعثوا لبقيّة آجالهم (٣).
***
ولأبي جعفر الطبري هنا روايات لا تخلو من تشويش واضطراب في المتن نذكرها كما يلي :
[٢ / ١٩٥٦] روى بإسناده عن محمّد بن إسحاق ، قال : لمّا رجع موسى إلى قومه ، ورأى ما هم فيه من عبادة العجل ، وقال لأخيه وللسامريّ ما قال ، وحرّق العجل وذرّأه في اليمّ ؛ اختار موسى منهم سبعين رجلا الخيّر فالخيّر ، وقال : انطلقوا إلى الله ـ عزوجل ـ فتوبوا إليه ممّا صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم ، صوموا وتطهّروا وطهّروا ثيابكم! فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقّته له ربّه ، وكان لا يأتيه إلّا بإذن منه وعلم. فقال له السبعون فيما ذكر لي حين صنعوا ما
__________________
(١) تقدّم الحديثان. الطبري ١ : ٤١٥.
(٢) الطبري ١ : ٤١٨ / ٨٠٩.
(٣) المصدر.