وفيه لغة ثالثة : إلياء.
قال الفرزدق :
وبيتان بيت الله نحن ولاتها |
|
وقصر بأعلى إيليا مشرّف |
قيل : إنّما سمّيت إيلياء باسم بانيها وهو إيلياء بن أرم بن سام بن نوح (١).
ومن ثمّ صرّح آخرون بأنّها القدس الشريف (٢). غير أنّها ليست بتلك المثابة التي جاء وصفها في التوراة : (تفيض لبنا وعسلا) وفي القرآن : (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً).
وقيل : هي البلقاء ، كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادى القرى ، قصبتها عمّان وفيها قرى كثيرة ومزارع واسعة ، وبجودة حنطتها يضرب المثل .. قال ياقوت : ومن البلقاء : قرية الجبّارين التي أراد الله تعالى بقوله : (إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ)(٣).
والبلقاء ـ اليوم ـ محافظة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة ، قاعدتها مدينة السّلط ، مشهورة بالبساتين والكروم والحبوب يضرب المثل بجودة حنطتها.
وقيل : هي الرملة والأردن وفلسطين وتدمر ، أي جميعا. يعني : الهلال الخصيب ، وهو حدس لا بأس به.
***
وبعد فإليك الآن سياق الآية تطابقا مع الوصف المتقدّم :
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) حبرون المفاضة بالخير والبركات (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ) أي اقتحموا المدينة بقوّة الملك الجبّار ولا تخافوا الجبّارين (سُجَّداً) أي حال كونكم خاضعين لله وشاكرين لأنعمه التي حباكم بها ، وأظفركم على أعدائكم.
(وَقُولُوا حِطَّةٌ) أي استغفروا لذنوبكم وعمّا جرحتم من تمرّد وعصيان. (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) ما فرط منكم من آثام. (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) حيث الشكر يوجب ازدياد النعم.
والأمر بالسجود والاستغفار هنا يعني الابتهاج بنعم الله وفيض آلائه ، فلا يرو عنهم سوى
__________________
(١) معجم البلدان ١ : ٢٩٣.
(٢) رواه الثعلبي (١ : ٢٠١) عن مجاهد.
(٣) معجم البلدان ١ : ٤٨٩.