(وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) قال أبي : أقرأني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا تَجْزِي) بالتاء ، (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) بالتاء (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) بالياء (١).
[٢ / ١٦٩٧] وأخرج ابن أبي داوود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءتنا قبل الخمسين من البقرة مكان (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) : لا يوخذ (٢).
* * *
قال أبو جعفر : وتأويل قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) : واتّقوا يوما لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا. وجائز أيضا أن يكون تأويله : واتقوا يوما لا تجزيه نفس عن نفس شيئا ، كما قال الراجز :
قد صبّحت صبّحها السّلام (٣) |
|
بكبد خالطها سنام |
في ساعة يحبّها الطعام |
وهو يعني : يحبّ فيها الطعام ، فحذفت الهاء الراجعة على «اليوم» ، إذ فيه اجتزاء بما ظهر من قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ) الدالّ على المحذوف منه عمّا حذف ، إذ كان معلوما معناه.
وقد زعم قوم من أهل العربيّة أنّه لا يجوز أن يكون المحذوف في هذا الموضع إلّا الهاء. وقال آخرون : لا يجوز أن يكون المحذوف إلّا «فيه». وقد دلّلنا فيما مضى على جواز حذف كلّ ما دلّ الظاهر عليه.
وأمّا المعنى في قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) فإنّه تحذير من الله تعالى عباده الّذين خاطبهم بهذه الآية ، عقوبته أن تحلّ بهم يوم القيامة ، وهو اليوم الّذي لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا ، ولا يجزي فيه والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا.
وأمّا تأويل قوله : (لا تَجْزِي نَفْسٌ) فإنّه يعني : لا تغني. كما :
[٢ / ١٦٩٨] قال السدّي في قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ) قال : أمّا تجزي : فتغني.
__________________
(١) الحاكم ٢ : ٢٣٣ ؛ كتاب التفسير ، سورة البقرة ؛ الدرّ ١ : ١٦٥ ـ ١٦٦ و (ط : مركز هجر) ١١ : ٣٦٣.
(٢) الدرّ ١ : ١٦٦ ؛ المصاحف للسجستاني : ٥٧.
(٣) صبّحت : سقتهم الصبوح ، وهو ما يشرب صباحا من خمر أو لبن.