[٢ / ٢١٣٦] وروى عامر بن سعد ، قال : شهدت أسامة بن زيد عن سعد بن مالك يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الطاعون رجز أنزل على من كان قبلكم ـ أو على بني إسرائيل ـ».
وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك :
[٢ / ٢١٣٧] روى معمر ، عن قتادة في قوله : (رِجْزاً) قال : عذابا.
[٢ / ٢١٣٨] وروى أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) قال : الرجز : الغضب.
[٢ / ٢١٣٩] وروى ابن وهب ، عن ابن زيد قال : لمّا قيل لبني إسرائيل : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ ، فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) بعث الله جلّ وعزّ عليهم الطاعون ، فلم يبق منهم أحدا. وقرأ : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). قال : وبقي الأبناء ، ففيهم الفضل والعبادة التي توصف في بني إسرائيل والخير ، وهلك الآباء كلّهم ، أهلكهم الطاعون.
[٢ / ٢١٤٠] وروى أيضا عن ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : الرجز : العذاب ، وكلّ شيء في القرآن رجز فهو عذاب.
[٢ / ٢١٤١] وروى أبو روق ، عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس في قوله : (رِجْزاً) قال : كلّ شيء في كتاب الله من الرجز ، يعني به العذاب.
وقد دلّلنا على أنّ تأويل الرجز : العذاب. وعذاب الله جلّ ثناؤه أصناف مختلفة. وقد أخبر الله جلّ ثناؤه أنّه أنزل على الّذين وصفنا أمرهم ، الرجز من السماء ، وجائز أن يكون ذلك طاعونا وجائز أن يكون غيره ، ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثر عن الرسول ثابت أيّ أصناف ذلك كان.
فالصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله عزوجل : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) بفسقهم. غير أنّه يغلب على النفس صحّة ما قاله ابن زيد ، للخبر الذي ذكرت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في إخباره عن الطاعون أنّه رجز ، وأنّه عذّب به قوم قبلنا. وإن كنت لا أقول إنّ ذلك كذلك يقينا ؛ لأنّ الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا بيان فيه أيّ أمّة عذّبت بذلك. وقد يجوز أن يكون الّذين عذّبوا به كانوا غير الّذين وصف الله صفتهم في قوله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ).