[٢ / ٢١٩٤] وهو ما روي عن أبي هريرة أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلّا أنّه آدر! قال : فذهب مرّة يغتسل فوضع موسى ثوبه على حجر ففرّ الحجر بثوبه ، قال : فجمح موسى في أثره يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتّى نظر بنو إسرائيل إلى سوأة موسى. فقالوا : والله ما بموسى من بأس. قال : فقام الحجر بعد ما نظر إليه ، وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا».
فقال أبو هريرة : والله إنّ بالحجر ندبا ستّة أو سبعة أثر ضرب موسى (١). والندب : أثر الجرح.
وقال عبد العزيز بن يحيى الكناني : كانت ضربة موسى اثنتي عشرة ضربة ، وظهر على موضع كلّ ضربة مثل ثدي المرأة ، ثمّ انفجر بالأنهار المطّردة (٢). وهو قوله : (فَانْفَجَرَتْ).
وفي الآية إضمار واختصار تقديرها : ضرب فانفجرت أي سالت ، وأصل الانفجار : الانشقاق والانتشار ، ومنه فجر النهار.
(قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) موضع شربهم ويكون بمعنى المصدر مثل المدخل ، المخرج.
(كُلُوا وَاشْرَبُوا) أي قلنا لهم : كلوا من المنّ ، واشربوا من الماء ؛ فهذا كلّه من رزق الله الذي بلا مشقّة ولا مؤنة ولا تبعة.
(وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) : يقال عثى يعثي عثيا ، وعثا يعثو عثوا ، وعاث يعيث عيثا وعيوثا (بثلاث لغات) وهو شدّة الفساد.
قال ابن الرّقاع :
لو لا الحياء وأنّ رأسي قد عثا |
|
فيه المشيب لزرت أمّ القاسم (٣) |
[٢ / ٢١٩٥] وقال مقاتل بن سليمان : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ) يقول : لا تعلوا ولا تسعوا في الأرض (مُفْسِدِينَ) يقول لا تعملوا في الأرض بالمعاصي. فرفعوا من المنّ والسلوى لغد ، فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ)(٤) يقول : لا ترفعوا منه لغد. وكان موسى عليهالسلام إذا ظعن حمل الحجر معه
__________________
(١) مسند أحمد ٢ : ٣١٥. يقال : جمح الفرس ، أي ذهب مسرعا لا ينثني.
(٢) اطّردت الأنهار : جرت.
(٣) الثعلبي ١ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
(٤) طه ٢٠ : ٨١.