فأعطاه لموسى.
و (الْحَجَرَ) اختلفوا فيه :
[٢ / ٢١٩٠] فقال وهب بن منبّه : لم يكن حجرا معيّنا بل كان موسى عليهالسلام يقرع لهم أقرب حجر من عرض الحجارة فيتفجّر عيونا لكلّ سبط عين وكانوا اثني عشر سبطا ، ثمّ تسيل كلّ عين في جدول إلى السبط الذي أمر سقيهم.
ثمّ أنّهم قالوا : إن فقد موسى عصاه؟! فأوحى الله تعالى إلى موسى لا تقر عنّ الحجارة ولكن كلّمها تطعك لعلّهم يعتبرون. فقالوا : كيف بنا لو أفضينا إلى الرّمل وإلى الأرض التي ليست فيها حجارة؟! فحمل موسى معه حجرا فحيث نزلوا ألقاه.
وقال الآخرون : كان حجرا مخصوصا بعينه ، والدليل عليه قوله تعالى : (الْحَجَرَ) فأدخل الألف واللام للتعريف مثل قولك : رأيت الرجل.
ثمّ اختلفوا فيه ما هو؟ :
[٢ / ٢١٩١] فقال ابن عبّاس : كان حجرا خفيفا مربّعا مثل رأس الرجل أمر أن يحمله وكان يضعه في مخلاته فإذا احتاجوا إلى الماء وضعه وضربه بعصاه. وفي بعض الكتب : إنّها كانت رخاما.
[٢ / ٢١٩٢] وقال أبو روق : كان الحجر من الكذّان (١) وكان فيه اثنا عشرة حفرة ينبع من كلّ حفرة عين ماء عذب فرات فيأخذوه ، فإذا فرغوا وأراد موسى حمله ضربه بعصاه فيذهب الماء ، وكان يسقي كلّ يوم ستمائة ألف.
[٢ / ٢١٩٣] وقال سعيد بن جبير : هو الحجر الذي وضع موسى ثوبه عليه ليغتسل حين رموه بالأدرة (٢) ففرّ الحجر بثوبه ومرّ به على ملأ من بني إسرائيل حتّى ظهر إنّه ليس بآدر ، فلمّا وقف الحجر أتاه جبرئيل فقال لموسى : إنّ الله يقول : ارفع هذا الحجر ، فإنّ فيه قدرة فلي فيه قدرة ولك فيه معجزة ، وقد ذكره الله تعالى في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً)(٣). فحمله موسى ووضعه في مخلاته ، فكان إذا احتاج إلى الماء ضربه بالعصا.
__________________
(١) الكذّان ، جمع الكذّانة : حجر فيه رخاوة كأنّه المدر.
(٢) الأدرة : نفخ في الخصيتين.
(٣) الأحزاب ٣٣ : ٦٩.