قال أبو إسحاق الثعلبي : وذلك أنّهم ملّوا المنّ والسلوى وسئموهما.
[٢ / ٢١٩٨] قال الحسن : كانوا نتاني (١) أهل كرّاث وأبصال وأعداس فنزعوا إلى عكرهم عكر السوء (٢) ، واشتاقت طباعهم إلى ما جرت عاداتهم عليه ، فقالوا : لن نصبر على طعام واحد وكفّوا عن المنّ والسلوى ، وإنّما قالوا : «واحد» (٣) وهما اثنان ؛ لأنّ العرب تعبّر عن اثنين بلفظ الواحد ، وبلفظ الواحد عن الاثنين كقوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ)(٤) ، وإنّما يخرجان من المالح منهما دون العذب.
[٢ / ٢١٩٩] وقال عبد الرحمان بن زيد بن أسلم : كانوا يعجنون المنّ والسلوى فيصير طعاما واحدا فيأكلونه (٥).
(فَادْعُ) فاسأل وادع. (لَنا) لأجلنا. (رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها) قراءة العامّة بكسر القاف.
وقرأ يحيى بن وثّاب ، وطلحة بن مصرف ، والأشيب العقيلي : وقثّائها بضمّ القاف ، وهي لغة تميم.
(وَفُومِها) :
[٢ / ٢٢٠٠] قال ابن عبّاس : الفوم : الخبز ، تقول العرب : فوّموا لنا ، أي اختبزوا لنا.
[٢ / ٢٢٠١] وقال عطاء وأبو مالك : هو الحنطة وهي لغة قديمة ، قال الشاعر :
__________________
(١) نتاني جمع نتنى. وهو كمرضى جمع نتن كزمن وزمنى. وجاء في الحديث : «لو كان المطعم بن عدّي حيّا فكلّمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له» يعني أسارى بدر. واحدهم نتن. قال ابن الأثير : سمّاهم نتنى لكفرهم ، كقوله تعالى : إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ.
(٢) أي عادوا إلى أصل عادتهم الرّديئة. والعكر : العادة والديدن. قال ابن الأثير : وروي : عكرهم بمعنى الدنس والدرن ، من عكر الزيت. قال : والأوّل الوجه.
(٣) التعبير بالواحد إنّما جاء من قبل وحدة الرويّة ، حيث كانت عيشتهم في المأكل على وتيرة واحدة لا تنوّع فيها.
(٤) الرحمان ٥٥ : ٢٢.
(٥) قال ابن كثير : وإنّما قالوا طعام واحد ، وهم يأكلون المنّ والسلوى؟! لأنّه لا يتبدّل ولا يتغيّر كلّ يوم فهو مأكل واحد. ابن كثير ١ : ١٠٥. قلت : أي كان طعامنا على وتيرة واحدة كلّ يوم.