[٢ / ٢٢٠٤] وقال الضحّاك : هي مصر موسى وفرعون. وكذا قال الأعمش. ودليل هذا القول : قراءة الحسن وطلحة : «مصر» بغير تنوين جعلاها معرفة ، وكذلك هو في مصحف عبد الله وأبيّ بغير ألف ، [قال الأخفش والكسائي : وإنّما أجازوا صرفها ـ على هذا القول ـ لخفّتها وشبهها بهند ودعد ؛ وأنشد :
لم تتلفّع بفضل مئزرها دعد |
|
ولم تسق دعد في العلب (١). |
فجمع بين اللّغتين](٢).
(فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) من نبات الأرض.
(وَضُرِبَتْ) : جعلت (عَلَيْهِمُ) وألزموا (الذِّلَّةُ) الذلّ والهوان. قالوا : بالجزية ، يدلّ عليه قوله :
(حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)(٣) وقال عطاء بن السائب : هو الكستيج (٤) وهو زيّ اليهوديّة الدالّ على مهانته (٥).
(وَالْمَسْكَنَةُ) يعني ذي الفقر. فتراهم كأنّهم فقراء وإن كانوا مياسير ، وقيل : المذلّة وفقر القلب فلا يرى في أهل الملل أذلّ ولا أحرص على المال من اليهود ، والمسكنة مفعلة من السكون ، ومنه سميّ الفقير مسكينا لسكونه وقلّة حركاته. يقال : ما في بني فلان أسكن من فلان ، أي أفقر.
(وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) أي رجعوا في قول الكسائي وغيره. قال أبو روق : استحقوا والباء صلة.
قال أبو عبيدة : احتملوا وأقرّوا به ، ومنه الدعاء المأثور : «أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت» ، وغضب الله عليهم : ذمّه لهم وتوعّده إيّاهم في الدنيا ، وإنزال العقوبة عليهم في العقبى ، وكذلك بغضه وسخطه.
__________________
(١) البيت لجرير. والعلب : أقداح من جلود ، يحلب فيها اللبن ويشرب.
(٢) هذا ما نقلناه عن تفسير القرطبي ١ : ٤٢٩. بدلا عن عبارة الثعلبي وكانت مشوّشة للغاية.
(٣) التوبة ٩ : ٢٩.
(٤) قال الفيروز آبادي : الكستيج خيط غليظ يشدّه الذمّي فوق ثيابه دون الزنار.
(٥) صحّحناه على البغوي والقرطبي. وفي المجمع : عن عطاء : هو الكستيج وزيّ اليهود ، مجمع البيان ١ : ٢٣٩.