هذه هي صبغة الله ، الإيمان بجميع شرائع الله ، وأنّ ما تأتي به شريعة ، هو ما أتت به سائر الشرائع ، سواء بسواء.
نعم كانت الشريعة اللاحقة مستكملة للشرائع قبلها ، فلازم الإيمان بالجميع هو الإيمان بالشريعة الحاضرة ، الجامعة لكلّ ما سبقها.
ومن ثمّ فإنّ الدين الكامل عند الله هو الإسلام (١) وسيبقى في ذمّة الخلود. (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً) ـ والحال هذه ـ (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٢).
***
وبعد فمن ابتغى دينا فهو إنّما يبتغي شريعة من شرائع الله ، إذ كان يحاول العثور على الدين الخالص .. ولكن مهما يجده وقد لعبت بها الأدوار والأقدار واعتوار الزمان؟!
فإن كان صادقا في نيّته فعليه باتّباع شريعة الإسلام الغرّاء ، والتي جاءت نقيّة بيضاء ، وقد ضمن الله لها البقاء سليمة عن الأكدار والأقذار ، (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(٣).
وجاء عن لسان نبيّ الإسلام : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ)(٤). أي : إن كنتم تستهدفون شريعة تقرّبكم إلى الله حبّا لله .. فها أنا على شريعة ومنهاج يوصلكم إلى هذا الهدف الكريم إن كنتم صادقين.
وهذا لا ينفي حقّانيّة سائر الشرائع في أصولها ومباني فروعها .. سوى أنّها لم تبق خالصة نقيّة ، وهذا الإسلام شريعة الله الكاملة بين أيديكم لم يمسّها ولن يمسّها كدر ولا قذر. ألا فاستمسكوا بها تهديكم إلى الصراط السويّ المستقيم ، والنهج القويم الذي تبتغونه ، إن صدقت نواياكم.
إذن فلا عصبيّة ولا موضع لقولتهم العجيبة : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا)(٥). (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ) أي الفوز بالقربى (إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى)(٦) ، مزاعم تنشأ من عصبيّة عمياء لا مستند لها سوى الأوهام الفارغة.
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٩.
(٢) آل عمران ٣ : ٨٥.
(٣) الحجر ١٥ : ٩.
(٤) آل عمران ٣ : ٣١.
(٥) البقرة ٢ : ١٣٥.
(٦) البقرة ٢ : ١١١.