والسؤال هنا من جهتين : أولاهما : هل صحّ أنّ الجبل اقتلع من مكانه وارتفع فوق رؤوسهم وظنّوا أنّه واقع بهم؟
والثانية : كيف يعنّف على التكليف ، في حين أنّ المقصود من التكليف هو الاختبار غير الحاصل مع الاضطرار. إذ لا اختبار إلّا مع اختيار!
جاء ذكر هذا الحادث في القرآن في موضعين :
١ ـ سورة البقرة : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ)(١).
٢ ـ سورة الأعراف : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(٢).
ليس في الآيتين سوى اقتلاع جزء عظيم من أعالي الجبل ، أثناء رجفة وزلزال مصحوبة بطوفان ورعود وبروق وسحاب ثقيل ـ كما جاء في نصّ التوراة (٣) ـ وقد ارتجف القوم من هول المشهد ، وإذا بالصخرة الهائلة تنحدر إليهم وهم في سفح الجبل.
جاء في سفر الخروج : «وحدث في اليوم الثالث لمّا كان الصباح أنّه صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل. فارتعد كلّ الشعب الذي في المحلّة وكانوا في أسفل الجبل ، وكان جبل سيناء كلّه يدخن وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كلّ الجبل جدّا ويزداد صوت البرق اشتدادا (٤)».
والصخرة كانت تهطل على صفحة الجبل وتنزلق إلى أسفل بشدّة وقوّة ، حتّى خشي القوم أنّها ستدمّرهم ، بسقوطها عليهم.
لكنّ الله بفضله ورحمته أوقفها في الأثناء ـ في ثنايا منحدرات الجبل ـ وكانت وقفتها بصورة عموديّة مطلّة عليهم جانبيّا كأنّها ظلّة ، فظنّوا أنّها واقعة بهم.
وكما جاء في نصّ التوراة أنّ هذا الحادث الهائل فاجأهم وهم في أثناء مذاكرتهم مع موسى عليهالسلام عند ما عرض عليهم الشريعة ، وحاول أخذ الميثاق عليها.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٦٣.
(٢) البقرة ٢ : ١٧١.
(٣) سفر الخروج ، أصحاح : ١٩ / ١٥ ـ ١٩.
(٤) المصدر.