وقال في تأويل قوله تعالى : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ :)
وأمّا الطور فإنّه الجبل في كلام العرب ، ومنه قول العجّاج :
داني جناحيه من الطور فمرّ |
|
تقضّي البازي إذا البازي كسر (١) |
وقيل إنّه إسم جبل بعينه. وذكر أنّه الجبل الذي ناجى الله عليه موسى. وقيل : إنّه من الجبال ما أنبت دون ما لم ينبت.
[٢ / ٢٢٨٥] روى ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب سجّدا ويقولوا حطّة وطؤطىء لهم الباب ليسجدوا ، فلم يسجدوا ودخلوا على أدبارهم ، وقالوا حنطة. فنتق فوقهم الجبل ، يقول : أخرج أصل الجبل من الأرض فرفعه فوقهم كالظلّة (والطور بالسّريانية : الجبل) تخويفا فدخلوا سجّدا على خوف وأعينهم إلى الجبل ، وهو الجبل الذي تجلّى له ربّه.
[٢ / ٢٢٨٦] وقال : رفع الجبل فوقهم كالسحابة ، فقيل لهم : لتؤمننّ أو ليقعنّ عليكم ، فآمنوا.
[٢ / ٢٢٨٧] وعن قتادة قال : الطور : الجبل ، كانوا بأصله فرفع عليهم فوق رؤوسهم ، فقال : لتأخذنّ أمري أو لأرمينّكم به.
[٢ / ٢٢٨٨] وبطريق آخر عنه قال : الطور : الجبل اقتلعه الله فرفعه فوقهم ، فقال : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) فأقرّوا بذلك.
[٢ / ٢٢٨٩] وعن أبي العالية ، قال : رفع فوقهم الجبل يخوّفهم به.
[٢ / ٢٢٩٠] وعن عكرمة ، قال : الطور : الجبل.
[٢ / ٢٢٩١] وعن السدّي قال : لمّا قال الله لهم : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) فأبوا أن يسجدوا ، أمر الله الجبل أن يقع عليهم ، فنظروا إليه وقد غشيهم ، فسقطوا سجّدا على شقّ ، ونظروا بالشقّ الآخر. فرحمهمالله ، فكشفه عنهم.
[٢ / ٢٢٩٢] وعن ابن جريج ، عن ابن عبّاس قال : الطور : الجبل الذي أنزلت عليه التوراة ، يعني
__________________
(١) دانى جناحيه : أي ضمّهما وقرّبهما وضيّق ما بينهما تأهّبا للانقضاض من ذروة الجبل. ومرّ : أسرع إسراعا شديدا. وتقضّي : أصلها «تقضض» فقلب الضاد الأخيرة ياء ، وتقضض الطائر : هوى في طيرانه يريد الوقوع. وكسر الطائر جناحيه : ضمّ منهما قليلا وهو يريد السقوط.