والفعل لغيرهم ؛ لأنّ المخاطبين بذلك كانوا يتولّون من كان فعل ذلك من أوائل بني إسرائيل ، فصيّرهم الله منهم من أجل ولايتهم لهم.
وقال بعضهم : إنّما قيل ذلك كذلك ، لأنّ سامعيه كانوا عالمين ، وإن كان الخطاب خرج خطابا للأحياء من بني إسرائيل وأهل الكتاب ؛ إذ المعنى في ذلك إنّما هو خبر عمّا قصّ الله من أنباء أسلافهم ، فاستغنى بعلم السامعين بذلك عن ذكر أسلافهم بأعيانهم. ومثّل ذلك بقول الشاعر :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة |
|
ولم تجدي من أن تقرّي به بدّا |
فقال : «إذا ما انتسبنا» ، و «إذا» تقتضي من الفعل مستقبلا. ثمّ قال : «لم تلدني لئيمة» فأخبر عن ماض من الفعل ، وذلك أنّ الولادة قد مضت وتقدّمت. وإنّما فعل ذلك عند المحتجّ به لأنّ السامع قد فهم معناه ، فجعل ما ذكرنا من خطاب الله أهل الكتاب الّذين كانوا بين ظهرانيّ مهاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أيّام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بإضافة أفعال أسلافهم إليهم نظير ذلك.
والأوّل الذي قلنا هو المستفيض من كلام العرب وخطابها. وكان أبو العالية يقول في قوله : (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) فيما ذكر لنا نحو القول الذي قلناه ، كما :
[٢ / ٢٣٠٣] روى الربيع ، عن أبي العالية ، قال : فضل الله : الإسلام ، ورحمته : القرآن.
وقال في تأويل : (لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ :)
يعني بقوله : (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) : إيّاكم بانقاذه إيّاكم بالتوبة عليكم من خطيئتكم وجرمكم ، لكنتم الباخسين أنفسكم حظوظها دائما ، الهالكين بما اجترمتم من نقض ميثاقكم وخلافكم أمره وطاعته (١).
***
وقال أبو إسحاق الثعلبي : الطور : الجبل بالسّريانية في قول بعضهم. وقالوا : ليس من لغة في الدنيا إلّا وهي في القرآن.
وقال أبو عبيدة والحذّاق من العلماء : لا يجوز أن تكون في القرآن لغة غير لغة العرب ؛ لأنّ الله
__________________
(١) الطبري ١ : ٤٦٢ ـ ٤٦٨ بتلخيص.