يخرجن خراطيمهنّ من الماء ، فإذا كان يوم الأحد لزمن سفل البحر فلم ير منهنّ شيء حتّى يكون يوم السبت. فذلك قوله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ)(١). فاشتهى بعضهم السمك ، فجعل الرجل يحفر الحفيرة ويجعل لها نهرا إلى البحر ، فإذا كان يوم السبت فتح النهر ، فأقبل الموج بالحيتان يضربها حتّى يلقيها في الحفيرة ، ويريد الحوت أن يخرج فلا يطيق من أجل قلّة ماء النهر ، فيمكث ، فإذا كان يوم الأحد جاء فأخذه. فجعل الرجل يشوي السمك ، فيجد جاره ريحه ، فيسأله فيخبره فيصنع مثل ما صنع جاره. حتّى إذا فشا فيهم أكل السمك قال لهم علماؤهم : ويحكم إنّما تصطادون السمك يوم السبت ، وهو لا يحلّ لكم! فقالوا : إنّما صدناه يوم الأحد حين أخذناه ، فقال الفقهاء : لا ، ولكنّكم صدتموه يوم فتحتم له الماء فدخل ؛ فقالوا : لا. وعتوا أن ينتهوا ، فقال بعض الّذين نهوهم لبعض : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً)(٢) يقول : لم تعظونهم وقد وعظتموهم فلم يطيعوكم؟ فقال بعضهم : (مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(٣). فلمّا أبوا قال المسلمون : والله لا نساكنكم في قرية واحدة! فقسّموا القرية بجدار ، ففتح المسلمون بابا والمعتدون في السبت بابا ، ولعنهم داوود. فجعل المسلمون يخرجون من بابهم والكفار من بابهم ؛ فخرج المسلمون ذات يوم ولم يفتح الكفار بابهم ، فلمّا أبطأوا عليهم تسوّر المسلمون عليهم الحائط ، فإذا هم قردة يثب بعضهم على بعض ، ففتحوا عنهم فذهبوا في الأرض. فذلك قول الله عزوجل : (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ)(٤) فذلك حين يقول : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)(٥) فهم القردة.
***
[٢ / ٢٣٢٥] وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : (الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) قال : لم يمسخوا إنّما هو مثل ضربه الله لهم مثل ما ضرب مثل الحمار يحمل
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٦٣.
(٢) الأعراف ٧ : ١٦٤.
(٣) الأعراف ٧ : ١٦٤.
(٤) الأعراف ٧ : ١٦٦.
(٥) المائدة ٥ : ٧٨.