وهكذا جاءت عبادتهم للعجل (أص ٣٢) كبيرة موبقة ، وأمروا أن يقتل بعضهم بعضا (ع ٢٧ ـ ٢٨).
وفي الأصحاح ١٤ من سفر العدد : ما ينبؤك عن تمرّدهم العارم تجاه موسى عليهالسلام حتّى كادوا يرجعون إلى مصر. وذلك عجزا منهم عن مقاتلة العماليق. وعزموا على رجم يوشع وكالب حيث كانا يحثّانهم على الثبات والجهاد في سبيل الحياة الفضلى.
هذا جانب ممّا حدث على عهد موسى عليهالسلام أمّا وبعد وفاته وفي أدوار سائر أنبيائهم فالخطب أفضع وأشنع.
كلّ ذلك مسجّل في التاريخ وفي متناول الأبناء ، فهلّا يعتبرون بها؟!
***
كما كان هناك مواضع عبر في مشهد من مشركي العرب ، يؤنّبهم القرآن على عدم الاتّعاظ بها وهي في مرأى لهم ومسمع.
فقد جاء مذكّرا بمساكن قوم لوط : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(١). كانت ديارهم بمرأى ومنظر لهم في رحلاتهم إلى الشام ، صباحا حين نزوعهم إليها ، ومساء حين الرجوع ومساكنهم حاليّا قد غمرها مياه البحر الميّت فكانوا يسيرون على شاطئه ، وكانت آثار ديارهم بعد ظاهرة حينذاك.
وجاء بشأن مساكن ثمود : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(٢). وقد كانت ديار ثمود مشهودة لقريش وهي في طريقهم ـ ببلاد الأردن حاليّا ـ في ممرّهم إلى الشام. والآثار باقية حتّى الآن.
وهكذا التذكار بقوم سبأ وانهيار سدّ مأرب وقوم مدين وقوم عاد بالأحقاف ـ بين حضرموت واليمن ـ والآثار الباقية من فرعون ونمرود وغيرهما من طغاة ، جرف بهم الزمان حيث مهوى الدمار والهلاك.
__________________
(١) الصافات ٣٧ : ١٣٧.
(٢) النمل ٢٧ : ٥٢.