يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ. قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها) من بياض ولا سواد ولا حمرة. (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) فطلبوها فلم يقدروا عليها. وكان رجل من بني إسرائيل من أبرّ الناس بأبيه. وإنّ رجلا مرّ به معه لؤلؤ يبيعه ، فكان أبوه نائما تحت رأسه المفتاح ، فقال له الرجل : تشتري منّي هذا اللؤلؤ بسبعين ألفا؟ فقال له الفتى : كما أنت ، حتّى يستيقظ أبي فآخذه بثمانين ألفا. فقال له الرجل : أيقظ أباك وهو لك بستّين ألفا. فجعل التاجر يحطّ له حتّى بلغ ثلاثين ألفا ، وزاد الآخر على أن ينتظر حتّى يستيقظ أبوه حتّى بلغ مائة ألف. فلمّا أكثر عليه قال : لا والله لا أشتريه منك بشيء أبدا ، وأبى أن يوقظ أباه. فعوّضه الله من ذلك اللؤلؤ أن جعل له تلك البقرة ، فمرّت به بنو إسرائيل يطلبون البقرة ، فأبصروا البقرة عنده ، فسألوه أن يبيعهم إيّاها بقرة ببقرة فأبى ، فأعطوه ثنتين فأبى ، فزادوه حتّى بلغوا عشرا فأبى ، فقالوا : والله لا نتركك حتّى نأخذها منك. فانطلقوا به إلى موسى ، فقالوا : يا نبيّ الله إنّا وجدنا البقرة عند هذا فأبى أن يعطيناها ، وقد أعطيناه ثمنا. فقال له موسى : أعطهم بقرتك! فقال : يا رسول الله أنا أحقّ بمالي. فقال : صدقت ، وقال للقوم : أرضوا صاحبكم! فأعطوه وزنها ذهبا فأبى ، فأضعفوا له مثل ما أعطوه وزنها حتّى أعطوه وزنها عشر مرّات ، فباعهم إيّاها وأخذ ثمنها. فقال : اذبحوها! فذبحوها ، فقال : اضربوه ببعضها! فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش ، فسألوه : من قتلك؟ فقال لهم : ابن أخي قال : أقتله وآخذ ماله وأنكح ابنته. فأخذوا الغلام فقتلوه.
[٢ / ٢٣٧٣] وكذا قال ابن عبّاس وقتادة ومجاهد : إنّ السبب الذي من أجله قال لهم موسى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) نحو السبب الذي ذكره عبيدة وأبو العالية والسدّي. غير أنّ بعضهم ذكر أنّ الذي قتل القتيل الذي اختصم في أمره إلى موسى كان أخا المقتول. وذكر بعضهم أنّه كان ابن أخيه. وقال بعضهم : بل كانوا جماعة ورثة استبطأوا حياته. إلّا أنّهم جميعا مجمعون على أنّ موسى إنّما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل إذ احتكموا إليه عن أمر الله إيّاهم بذلك ، فقالوا له : وما ذبح البقرة يبيّن لنا خصومتنا التي اختصمنا فيها إليك في قتل من قتل ، فادّعى على بعضنا أنّه القاتل أتهزأ بنا؟
[٢ / ٢٣٧٤] وروى ابن وهب ، عن ابن زيد قال : قتل قتيل من بني إسرائيل ، فطرح في سبط من