فكيف يجتمع الثواب الدائم والعقاب الدائم؟! وذلك خلاف الإجماع! (١).
[٢ / ٢٥٠٤] وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) أي من عمل مثل أعمالكم وكفر بما كفرتم به حتّى يحيط كفره بما له من حسنة (٢)(فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي من آمن بما كفرتم به ، وعمل بما تركتم من دينه ، فلهم الجنّة خالدين فيها. يخبرهم أنّ الثواب بالخير والشرّ ، مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له أبدا (٣). (٤)
[٢ / ٢٥٠٥] وروى ابن جرير بالإسناد إلى ابن جريج قال : قلت لعطاء : (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ؟) قال : الشرك ، ثمّ تلا : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ)(٥).
[٢ / ٢٥٠٦] وروى عبد الرزّاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) قال : السيّئة الشرك والخطيئة الكبائر (٦).
[٢ / ٢٥٠٧] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) قال : هي الكبيرة الموجبة لأهلها النار (٧).
[٢ / ٢٥٠٨] وأخرج ابن جرير عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) قال : ما أوجب الله فيه النار (٨).
__________________
(١) التبيان ١ : ٣٢٥ ـ ٣٢٦.
(٢) بحيث تغلبها السيّئة فتنقلب الحسنة سيّئة ، بسبب ما نواه من شرّ.
(٣) وهذا إشارة إلى خلود كلّ من الفريقين فيما اكتسبوه لأنفسهم من آثار صلاح أو فساد .. الأمر الذي ينبؤك عن تجسّم الأعمال ، وأنّ المثوبات والعقوبات ليس من قبيل الجعل والمواضعة كما في الأجر والجزاء الدنيويّين .. وإنّما هي انعكاسات أعمال قام بها الإنسان هنا في الحياة الدنيا فتناله في الآخرة ، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ .. ولعلّنا نبحث عن ذلك بتفصيل في مجال متناسب يأتي. إن شاء الله.
(٤) الدرّ ١ : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ؛ الطبري ١ : ٥٤٢ و ٥٤٥ و ٥٤٧ / ١١٧٠ و ١١٧٩ و ١١٩٠ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٥٧ ـ ١٥٩ / ٨٢٢ و ٨٢٦ و ٨٣٢ ؛ ابن كثير ١ : ١٢٣.
(٥) الطبري ١ : ٥٤٦ / ١١٨٧.
(٦) عبد الرزّاق ١ : ٢٧٨ / ٨٢.
(٧) الدرّ ١ : ٢٠٩ ؛ الطبري ١ : ٥٤٥ / ١١٨١ ، بلفظ : «أمّا الخطيئة فالكبيرة الموجبة».
(٨) الطبري ١ : ٥٤٥ / ١١٨٠.