بالخلق الآخر : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ)(١) خلقا آخر ملكوتيّا مترفّعا عن سائر الأحياء الأرضيّين ومن ثمّ بارك الله نفسه في هذه الخلق البديع.
[٢ / ٢٥٩٨] قال الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّ الله ـ عزوجل ـ خلق خلقا وخلق روحا ، ثمّ أمر ملكا فنفخ فيه» (٢) وهذه الروح مخلوقة لله تعالى من الصفوة وخصّ بها أصفياء خلقه آدم وذرّيّته وكانت نسبتها إلى الله نسبة تشريف حيث مقام الاصطفاء فكانت ذات مقام ملكوتي رفيع.
[٢ / ٢٥٩٩] روى الصدوق بإسناده الصحيح عن عمر بن أذينة عن محمّد بن مسلم قال : سألت الإمام أبا جعفر الباقر عليهالسلام عن قوله تعالى : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) قال : «روح اختاره الله واصطفاه وخلقه ، وأضافه إلى نفسه ، وفضّله على جميع الأرواح ، فأمر فنفخ منه في آدم» (٣).
[٢ / ٢٦٠٠] وروى بالإسناد الصحيح إلى الحلبيّ وزرارة عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : «إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أحد ، صمد ، ليس له جوف. وإنّما الروح خلق من خلقه : نصر وتأييد وقوّة ، يجعله الله في قلوب الرسل والمؤمنين» (٤).
ولعلّ المراد به في هذا الحديث هي الّتي جاءت الإشارة إليها في قوله تعالى : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)(٥). أي روحانيّة مترفّعة عن أدناس الحياة الدنيا (٦).
[٢ / ٢٦٠١] وروى بالإسناد إلى محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر الباقر عليهالسلام عن قوله تعالى : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) فقال : «وإنّما أضافه إلى نفسه لأنّه اصطفاه على سائر الأرواح ، كما اصطفى بيتا من البيوت فقال : بيتي (٧). وقال لرسول من الرسل : خليلي (٨) وأشباه ذلك. قال : وكلّ ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبّر» (٩).
[٢ / ٢٦٠٢] وروى بالإسناد إلى أبي جعفر الأصمّ قال : سألت أبا جعفر الباقر عليهالسلام عن الروح التي في
__________________
(١) المؤمنون ٢٣ : ١٤ رقمها المكّي : ٧٤.
(٢) البحار : ٥٨ : ٣٢ / ٥ ؛ التوحيد : ١٧٢ / ٦ ، باب ٢٧.
(٣) التوحيد : ١٧٠ / ١ ، باب ٢٧.
(٤) المصدر : ١٧١ / ٢.
(٥) المجادلة ٥٨ : ٢٢ مدنيّة رقم نزولها : ١٠٦.
(٦) راجع : كتاب التوحيد : ١٧١ / ٢.
(٧) البقرة ٢ : ١٢٥. والحجّ ٢٢ : ٢٦.
(٨) النساء ٤ : ١٢٥.
(٩) التوحيد : ١٧١ / ٣.