آدم والتي في عيسى ما هما؟ قال : «روحان مخلوقان ، اختارهما واصطفاهما ، روح آدم وروح عيسى عليهماالسلام» (١).
[٢ / ٢٦٠٣] وبالإسناد إلى سيف بن عميرة عن أبي بصير عن الإمام أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ،) قال : «من قدرتي» (٢). أي الروح المنفوخة في آدم أيضا مخلوقة بقدرتي وواقعة في قبضتي والنسبة إليه تعالى تشريف ، وإلّا فكلّ ما في الوجود مخلوق لله وواقع تحت قدرته تعالى ... فذلك نظير قوله تعالى : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ)(٣) أي كان تحت عنايتنا الخاصّة.
***
ورجّح جمهور المفسّرين أن يكون السؤال عن الروح بهذا المعنى وهي الروح التي بها حياة الإنسان وبها تكون حقيقته وأصله وهي التي اختلفت أنظار الفلاسفة منذ القديم في معرفة حقيقتها وبما أنّها حقيقة ملكوتيّة ، كانت الأنظار الماديّة قاصرة عن إدراكها وعن تعقّلها كما هي! (٤)
ويتأيّد ذلك ما ورد أنّ الباعث لقريش في سؤالهم هذا ، هم اليهود ، سألتهم قريش أن يعرّفوهم شيئا يسألون عنه محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ليستخبروا حاله ، أهو نبيّ كما يقول ، أم يدّعي أمرا لا ينبغي له؟! فأوعز إليهم اليهود أن يسألوه عن الروح ، وهم يعلمون أنّه من مشاكل المسائل التي عطبت فيها أفهام فطاحل الحكماء.
[٢ / ٢٦٠٤] روى محمّد بن إسحاق بإسناده إلى سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عبّاس قال : إنّ قريشا بعثت النضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط إلى يثرب ، ليسألا أحبار اليهود عن أخبار نبيّ ظهر بينهم ، فهل يجدون صفته عندهم؟ فخرجا حتّى قدما المدينة وسألا الأحبار عن شأن محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) المصدر : ١٧٢ / ٤.
(٢) المصدر / ٥.
(٣) سورة ص ٣٨ : ٧٥.
(٤) قال ابن عاشور : قال الجمهور : المسؤول عنه هو الروح الإنسانية ، لأنّه الأمر المشكل الّذي لم تتّضح حقيقته. وأمّا الروح بمعنى الملك أو روح الشريعة فهما من المصطلح القرآني الحديث. وقد ثبت أنّ اليهود سألوا عن الروح بذاك المعنى ، لأنّه الوارد في أوّل سفر التكوين من التوراة في الأصحاح الأوّل : «وروح الله يرفّ على وجه المياه» وليس الروح بالمعنيين الأخريين بوارد في كتبهم. (التحرير والتنوير ١٤ : ١٥٥).