والثالثة عشرة سورة النبأ (١) : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً. ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً).
ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي : أنّ الروح النازل بالبركات ليلة القدر ، والروح الصاعد بها إلى السماء ، كلاهما في الموردين
هو جبرائيل عليهالسلام (٢) لأنّه الّذي ينزل بالروح من أمره على من يشاء من عباده (٣) وأخيرا يعرج به في نهاية المطاف.
قاله بشأن الروح في قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا ...) : قال الضحّاك والشعبي : الروح هو جبرائيل عليهالسلام. وقال ابن مسعود وابن عبّاس : ملك من أعظم الملائكة خلقا. قال الشيخ : وهو المرويّ في أخبارنا (٤).
قلت : إذا كان النازل بروح الله والصاعد به هو جبرائيل ، فليكن المسؤول والشاهد على إقامته باستقامة أو انحراف في مسرح الحياة ، شهادة صادقة يوم الحساب هو جبرائيل أيضا الأمر الّذي تستدعيه المناسبة القريبة.
والقول بأنّه ملك من أعظم الملائكة لا ينافي كونه جبرائيل ، لأنّه من أعظم الملائكة خلقا وقربا إليه تعالى.
والأخبار التي أشار إليها الشيخ ، لعلّها ناظرة إلى روح القدس الّذي يرافق الأنبياء والأئمّة وصالحي المؤمنين. وهي نفحة رحمانيّة ، ذات قدسيّة ملكوتيّة (٥) ، جاءت تسدّد خطى الأولياء المقرّبين وتؤيّدهم وتهديهم حيث سبيل الصواب ولا شكّ أنّها ذات مراتب متصاعدة حسب ارتقائهم على مدارج الكمال.
وإليك بعض الحديث عنه :
__________________
(١) رقم نزولها بمكة : ٨٠. رقم ثبتها في المصحف : ٧٨. الآية : ٣٨ ـ ٣٩.
(٢) راجع : التبيان ١٠ : ٣٨٦ بتفسير سورة القدر. و : ١١٤ بتفسير سورة المعارج.
(٣) النحل ١٦ : ٢.
(٤) التبيان ١٠ : ٢٤٩.
(٥) كما في رواية الصفار عن الصادق عليهالسلام. البصائر : ٤٦٢ / ٩.