للنبيّ : (قُلُوبُنا غُلْفٌ) يعني في غطاء ويعنون : في أكنّة عليها الغطاء فلا تفهم ولا تفقه ما تقول يا محمّد ، كراهيّة لما سمعوا من النبيّ من قوله : إنّكم كذّبتم فريقا من الأنبياء وفريقا قتلتم. أي فإن كنت صادقا فأفهمنا ما تقول (١).
[٢ / ٢٦٤٢] وأخرج الواحدي عن ابن عبّاس ومجاهد وقتادة : إنهم قالوا استهزاء وإنكارا لما أتى به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : قلوبنا عليها غشاوة ، فهي أوعية ، فلا تعي ولا تفقه ما تقول يا محمّد! فأكذبهم الله فيما قالوا ، وقال (بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ) أي : أبعدهم من رحمته وطردهم (٢).
[٢ / ٢٦٤٣] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ) قال : قالوا : لا تفقه (٣).
[٢ / ٢٦٤٤] وأخرج ابن جرير عن الربيع ، عن أبي العالية : (قُلُوبُنا غُلْفٌ) أي لا تفقه (٤).
[٢ / ٢٦٤٥] وبهذا المعنى أيضا ما رواه ابن أبي حاتم بالإسناد إلى قتادة عن الحسن قال : قلوبنا غلف : لم تختن (٥).
وغلف : جمع أغلف وغلفاء والمعنى : أنّه لم يرفع غطاؤها ولم تؤخذ جلدتها المغشّية لها فلا تستطيع الوعي والتفقّه.
قال أبو علي الفارسي : ما يدرك به المعلومات من الحواسّ وغيرها ، إذا ذكر بأنّه لا يعلم ، وصف بأنّ عليه مانعا ، كقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)(٦). فإنّ القفل لمّا كان مانعا من الدخول إلى المقفّل عليه ، شبّه القلوب [العاتية] به.
ومثله قوله تعالى : (سُكِّرَتْ أَبْصارُنا)(٧). وقوله : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي)(٨).
ومثله : (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ)(٩). وقوله (صُمٌّ بُكْمٌ)(١٠). لأنّ العين إذا كانت في غطاء لم ينفذ شعاعها ،
__________________
(١) تفسير مقاتل ١ : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٢) الوسيط ١ : ١٧٢.
(٣) الدرّ ١ : ٢١٤. الطبري ١ : ٥٧٣ / ١٢٤٢ ؛ البغوي ١ : ١٤١. عن مجاهد وقتادة ؛ الثعلبي ١ : ٢٣٣ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٥٢ ـ ٥٣ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٧٠ / ٨٩٧ ، عن قتادة وأبي العالية.
(٤) الطبري ١ : ٥٧٣ / ١٢٤٤.
(٥) ابن أبي حاتم ١ : ١٧٠ / ٨٩٦.
(٦) محمّد ٤٧ : ٢٤.
(٧) الحجر ١٥ : ١٥.
(٨) الكهف ١٨ : ١٠٢.
(٩) النحل ١٦ : ٦٦.
(١٠) البقرة ٢ : ١٧.