نعرفه وما هو بالذي كنّا نذكر لكم ، فأنزل الله (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ ...) الآية. (١)
[٢ / ٢٦٩٢] وأخرج ابن جرير عن ابن وهب ، قال : سألت ابن زيد عن قول الله ـ عزوجل ـ : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ)(٢) قال : كانت يهود يستفتحون على كفّار العرب يقولون : أما والله لو قد جاء النبيّ الذي بشّر به موسى وعيسى ، أحمد ، لكان لنا عليكم. وكانوا يظنّون أنّه منهم والعرب حولهم ، وكانوا يستفتحون عليهم به ويستنصرون به (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) وحسدوه. وقرأ قول الله ـ جلّ ثناؤه ـ : (كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ)(٣) قال : قد تبيّن لهم أنّه رسول ، فمن هنالك نفع الله الأوس والخزرج بما كانوا يسمعون منهم أنّ نبيّا خارج. (٤)
[٢ / ٢٦٩٣] وأخرج عن ابن عبّاس : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) يقول : يستنصرون بخروج محمّد ، على مشركي العرب ، يعني بذلك أهل الكتاب ، فلمّا بعث الله محمّدا ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه. (٥)
[٢ / ٢٦٩٤] وأخرج البيهقي في الدلائل بالإسناد إلى سلمة بن سلامة بن وقش ، قال : كان بين أبياتنا يهوديّ ، فخرج على نادي قومه (٦) : بني عبد الأشهل ذات غداة ، فذكر البعث والقيامة والجنّة والنار والحساب والميزان قال ذلك لأصحاب وثن لا يرون أنّ بعثا كائن بعد موت. وذلك قبيل مبعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : ويحك يا فلان ، أو هذا كائن : أنّ الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنّة ونار ، يجزون من أعمالهم؟ قال : نعم ، والّذي يحلف به ، لوددت أنّ حظّي من تلك النار ، أن توقدوا أعظم تنّور في داركم ، فتحمونه ، ثمّ تقذفوني فيه ، ثمّ تطيّنون عليّ ، وأنّي أنجو من النار غدا! فقيل له : يا فلان ، فما علامة ذلك؟ قال : نبيّ يبعث من ناحية هذه البلاد ـ وأشار بيده نحو مكّة واليمن ـ قالوا : فمتى نراه؟ فرمى بطرفه فرآني وأنا مضطجع بفناء باب أهلي ، وأنا أحدث القوم. فقال : إن يستنفد
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢١٧ ؛ الطبري ١ : ٥٧٨ / ١٢٥٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٧٢ / ٩٠٥ ؛ ابن كثير ١ : ١٢٩ ؛ مجمع البيان ١ : ٢٩٩ ؛ التبيان : ١ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥.
(٢) البقرة ٢ : ٨٩.
(٣) البقرة ٢ : ١٠٩.
(٤) الطبري ١ : ٥٨٠ / ١٢٦٥.
(٥) الدرّ ١ : ٢١٧ ؛ الطبري ١ : ٥٧٨ / ١٢٥٦ ؛ ابن كثير ١ : ١٢٩.
(٦) النادي : المحلّ المعدّ لاجتماع القوم ، يتذاكرون ويتسامرون وما إلى ذلك من شؤون.