الّذين لا يعتقدون حياة أخرى.
(يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ). تطول حياته مهما كانت كاسدة. ولكن هل البقاء طول الحياة يجدي لهم نفعا للخلاص من العذاب الأبدي؟!
(وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) بصير بنواياهم الخبيثة وآمالهم المنكوسة حيث الظالم لا فلاح له أبدا.
***
قال أبو جعفر الطبري : يعني بقوله ـ جلّ ثناؤه ـ : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) اليهود ، يقول : يا محمّد لتجدنّ أشدّ الناس حرصا على الحياة في الدنيا وأشدّهم كراهة للموت اليهود. كما :
[٢ / ٢٧٥٥] روي عن سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عبّاس : يعني اليهود. وهكذا روي عن مجاهد والربيع وأبي العالية. (١)
قال : وإنّما وصف الله ـ جلّ ثناؤه ـ اليهود بأنّهم أحرص الناس على الحياة ، لعلمهم بما قد أعدّ لهم في الآخرة على كفرهم بما لا يقرّ به أهل الشرك ، فهم للموت أكره من أهل الشرك الّذين لا يؤمنون بالبعث ؛ لأنّهم يؤمنون بالبعث ، ويعلمون ما لهم هنالك من العذاب ، وأنّ المشركين لا يصدّقون بالبعث ، ولا العقاب. فاليهود أحرص منهم على الحياة وأكره للموت.
وقيل : إنّ الّذين أشركوا الّذين أخبر الله تعالى ذكره أنّ اليهود أحرص منهم ـ في هذه الآية ـ على الحياة هم المجوس الّذين لا يصدّقون بالبعث!
[٢ / ٢٧٥٦] فعن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) قال : يعني المجوس.
[٢ / ٢٧٥٧] وعن ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) قال : يهود أحرص من هؤلاء على الحياة.
وقال بعضهم : هم الّذين ينكرون البعث كما :
[٢ / ٢٧٥٨] روى سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عبّاس في قوله : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) قال : وذلك أنّ المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت فهو يحبّ طول الحياة ، وأنّ
__________________
(١) الطبري ١ : ٦٠١ ـ ٦٠٢.