سألناه من يأتيه بنبوّته فقال : عدوّنا جبريل ، لأنّه ينزل بالغلظة والشدّة والحرب والهلاك ونحو هذا ، فقلت : فمن سلمكم من الملائكة؟ فقالوا : ميكائيل ينزل بالقطر والرحمة ونحو هذا. قلت : وكيف منزلتهما من ربّهما؟ فقالوا : أحدهما عن يمينه والآخر من الجانب الآخر. قلت : فإنّه لا يحلّ لجبريل أن يعادي ميكائيل ، ولا يحلّ لميكائيل أن يسالم عدوّ جبريل! وإنّي أشهد أنّهما وربّهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا ، ثمّ أتيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أريد أن أخبره ، فلمّا لقيته قال : ألا أخبرك بآيات أنزلت عليّ؟ قلت : بلى يا رسول الله! فقرأ : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) حتّى بلغ (الْكافِرِينَ) قلت : والله يا رسول الله ما قمت من عند اليهود إلّا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم ، فوجدت الله قد سبقني! (١)
[٢ / ٢٧٧٤] وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمان بن مغراء ، عن مجاهد ، عن الشعبي ، قال : انطلق عمر إلى يهود ، فقال : إنّي أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجدون محمّدا في كتابكم؟ قالوا : نعم. قال : فما يمنعكم أن تتّبعوه؟ قالوا : إنّ الله لم يبعث رسولا إلّا كان له كفل من الملائكة ، وإنّ جبريل هو الذي يتكفل لمحمّد ، وهو عدوّنا من الملائكة ، وميكائيل سلمنا ؛ فلو كان هو الذي يأتيه اتّبعناه! قال : فإنّي أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى ، ما منزلتهما من ربّ العالمين؟ قالوا : جبريل عن يمينه ، وميكائيل عن جانبه الآخر. فقال : إنّي أشهد ما يقولان إلّا بإذن الله ، وما كان لميكائيل أن يعادي سلم جبريل ، وما كان جبريل ليسالم عدوّ ميكائيل. [فبينما هو عندهم] إذ مرّ نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : هذا صاحبك يا ابن الخطاب. فقام إليه فأتاه وقد أنزل عليه : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) إلى قوله : (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ)(٢).
[٢ / ٢٧٧٥] وأخرج سفيان بن عيينة عن عكرمة قال : كان عمر يأتي اليهود يكلّمهم فقالوا : إنّه ليس من أصحابك أحد أكثر إتيانا إلينا منك ، فأخبرنا من صاحب صاحبك الذي يأتيه بالوحي؟ فقال : جبريل! قالوا : ذاك عدوّنا من الملائكة ، ولو أنّ صاحبه صاحب صاحبنا لاتّبعناه ، فقال عمر :
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ؛ الطبري ١ : ٦٠٨ ـ ٦٠٩ / ١٣٣٣. ابن أبي حاتم ١ : ١٨١ / ٩٦٠ ، باختلاف في اللفظ ؛ ابن كثير ١ : ١٣٥ ـ ١٣٦ ؛ كنز العمّال ٢ : ٣٥٣ ـ ٣٥٤ / ٤٢٢٢.
(٢) الطبري ١ : ٦١١ / ١٣٣٧ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٨١ / ٩٦٠ ؛ ابن كثير ١ : ١٣٦.