من صاحب صاحبكم؟ قالوا : ميكائيل. قال : وما هما؟ قالوا : أمّا جبريل فينزل بالعذاب والنقمة وأمّا ميكائيل فينزل بالغيث والرحمة وأحدهما عدوّ لصاحبه. فقال عمر : وما منزلتهما؟ قالوا : إنّهما من أقرب الملائكة منه تعالى أحدهما عن يمينه وكلتا يديه يمين ، والآخر على الشقّ الآخر! فقال عمر : لئن كانا كما تقولون ، ما هما بعدوّين! ثمّ خرج من عندهم فمرّ بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فدعاه فقرأ عليه : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ...) الآية. فقال عمر : والذي بعثك بالحقّ إنّه الذي خاصمتهم به آنفا! (١)
[٢ / ٢٧٧٦] وأخرج الثعلبي بالإسناد إلى قتادة وعكرمة والسدّي : إنّه كان لعمر أرض بأعلى المدينة وممرّها على مدارس اليهود. وكان عمر إذا أتى أرضه يأتيهم ويسمع منهم ويكلّمهم ، فقالوا له : ما في أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أحبّ إلينا منك ؛ إنّهم يمرّون بنا فيؤذوننا وأنت لا تؤذينا ، وإنّا لنطمع فيك! فقال عمر : والله ما آتيكم لحبّكم ولا أسألكم لأنّي شاك في ديني ، وإنّما أدخل عليكم لأزداد بصيرة في أمر محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأرى آثاره في كتابكم! فقالوا : من صاحب محمّد الذي يأتيه من الملائكة؟ قال : جبرئيل! فقالوا : ذاك عدوّنا يطلع محمّدا على سرّنا ، وهو صاحب كلّ عذاب وخسف وسنة وشدّة. وإنّ ميكائيل إذا جاء ، جاء بالخصب والسلم! فقال لهم عمر : تعرفون جبريل وتنكرون محمّدا؟ قالوا : نعم. قال : فأخبروني عن منزلة جبريل وميكائيل من الله ـ عزوجل ـ! قالوا : جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره. وميكائيل عدوّ لجبريل! قال عمر : فإنّي أشهد أنّ من كان عدوّا لجبريل فهو عدوّ لميكائيل ، ومن كان عدوّا لميكائيل فهو عدوّ لجبريل ، ومن كان عدوّا لهما كان الله عدوّا له.
ثمّ رجع عمر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجد جبرئيل قد سبقه بالوحي ، فقرأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الآية وقال : «لقد وافقك ربّك يا عمر!». فقال عمر : لقد رأيتني بعد ذلك في دين الله أصلب من الحجر! (٢)
[٢ / ٢٧٧٧] وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أنّ عمر بن الخطاب انطلق ذات يوم إلى اليهود ، فلما أبصروه رحّبوا به ، فقال عمر : والله ما جئت لحبّكم ولا للرغبة فيكم. ولكنّي جئت
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٢٣ ؛ الثعلبي ١ : ٢٣٩ باختلاف في الألفاظ ؛ البغوي ١ : ١٤٥ / ٧١.
(٢) الثعلبي ١ : ٢٣٩ ؛ البغوي ١ : ١٤٥ ؛ الطبري ١ : ٦١٠.