فلمّا اتّجهت الحجّة عليه قال : أيّ ملك يأتيك من السماء؟ قال : جبرئيل ، ولم يبعث الكتاب لأنبياء قطّ إلّا وهو وليّه. قال : ذلك عدوّنا من الملائكة ، ولو كان ميكائيل مكانه لآمنّا بك ، لأنّ جبرئيل ينزل بالعذاب والقتال والشقوة ، وإنّه عادانا مرارا كثيرة ، وكان أشدّ ذلك علينا أنّ الله أنزله على نبيّ لنا : أن سيخرب بيت المقدس على يد رجل يقال له : بخت نصّر ، وأخبرنا بالحين الذّي يخرب فيه. فلمّا كان وقته بعثنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخت نصّر ليقتله ، فانطلق يطلبه حتّى لقيه ببابل غلاما مسكينا ليس له قوّة. فأخذه صاحبنا ليقتله فدافع عنه جبرئيل وقال لصاحبنا : إن كان ربّكم هو الذي أذن له في هلاككم ، فلن تسلّط عليه ، وإن لم يكن هذا فعلى أيّ حقّ تقتله؟! فصدّقه صاحبنا ورجع فكبر بخت نصّر وقوي وغزانا وخرّب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوّا فأنزل الله هذه الآية. (١)
[٢ / ٢٧٨٠] وجاء في التفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمّد العسكري عليهالسلام عن الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري قال : «ولقد حدّثنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحضره عبد الله بن صوريا ـ غلام يهوديّ تزعم اليهود أنّه أعلم يهوديّ بكتاب الله وعلوم الأنبياء ـ فسأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن مسائل كثيره يعنّته فيها ، فأجابه عنها بما لم يجد إلى إنكار شيء منه سبيلا.
وساق الحديث ـ كما رواه الثعلبي ـ غير أنّه سمّى الرجل الذي بعثوه ليبحث عن بخت نصّر أنّه «دانيال». (٢)
__________________
سألوه ، فقالوا : يا محمّد ، كيف نومك؟ فقد أخبرنا عن نوم النبيّ الذي يأتي في آخر الزمان! فقال : تنام عيناى ، وقلبي يقظان. فقالوا : صدقت يا محمّد ، فأخبرنا عن الولد يكون من الرجل أو من المرأة؟ فقال : أمّا العظام والعصب والعروق ، فمن الرجل. وأمّا اللحم والدم والظفر والشعر ، فمن المرأة! قالوا : صدقت يا محمّد ، فما بال الولد يشبه أعمامه ، ليس فيه من شبه أخواله شيء ، أو يشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شيء؟ فقال : أيّهما علا ماؤه كان الشبه له! قالوا : صدقت يا محمّد ، فأخبرنا عن ربّك ما هو؟ فأنزل الله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فقال ابن صوريا : خصلة واحدة إن قلتها آمنت بك واتّبعتك : أيّ ملك يأتيك بما ينزل الله لك؟ وساق الحديث. (مجمع البيان ١ : ٣١٥).
(١) الثعلبي ١ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ؛ البغوي ١ : ١٤٤ ـ ١٤٥ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٦٣ ، ذكره باختصار.
(٢) تفسير الإمام : ٤٠٦ ـ ٤٠٧ / ٢٧٧. وراجع كتاب الاحتجاج المنسوب إلى الطبرسي ١ : ٤٦ ـ ٤٧ ، والبحار ٩ : ٢٨٣.